وقال تعالى: يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (٣١) [الأعراف: ٣١].
٩ - التصوير والتشخيص الحي:
الصور التي يعرضها القرآن يمنحها الحركة والحياة فتبدو لك وكأنها متحركة ناطقة معبرة، اقرأ قوله تعالى: إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (١) وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ (٢) وَإِذَا الْجِبالُ سُيِّرَتْ (٣) وَإِذَا الْعِشارُ عُطِّلَتْ (٤) وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ (٥) وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ (٦) وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ (٧) وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ (٨) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ (٩) وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ (١٠) وَإِذَا السَّماءُ كُشِطَتْ (١١) وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ (١٢) وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ (١٣) عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أَحْضَرَتْ (١٤) [التكوير: ١ - ١٤].
فالشمس تلفّ وتكور كالعمامة ويرمى بها جانبا، والنجوم تغور ويذهب ضوؤها، والجبال تسيّر وتصبح كثيبا مهيلا وهباء منبثا، والنوق الحوامل في شهرها العاشر تهمل وتترك بلا راع يرعاها والوحوش تجمع كلها في مكان واحد على اختلاف أصنافها وأشكالها... إلى آخره.
فتأمل هذه المشاهد العظيمة والصور المتحركة المتغيرة، واقرأ أيضا قوله تعالى: وَجاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعى قالَ يا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (٢٠) اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْئَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ (٢١) [يس: ٢٠ - ٢١].
أما مشهد القيامة في القرآن الكريم في سورة إبراهيم فالظالمون عيونهم شاخصة مسرعين في مشيتهم رءوسهم مرفوعة ينظرون إلى الأعلى بذلة، قلوبهم طائرة من الفزع وهذا ما نجده في قوله تعالى: وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ (٤٢) مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ (٤٣) [إبراهيم: ٤٢ - ٤٣].