فقالوا: إن الله صرفنا عن ذلك، فاعترفوا بهزيمتهم أمامه، لكنهم نسبوا ذلك إلى الصرفة عنه. ثم قالوا: إن هذا القرآن من عند محمد صلّى الله عليه وسلّم لا من عند الله تعالى. ولو أنه أنزل على أحد رجلين عظيمين هما عمرو بن هشام (أبو جهل) وعروة بن مسعود الثقفي لآمنا به، لأن محمدا شخص فقير وليس من عظمائهم وَقالُوا لَوْلا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ (٣١) أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (٣٢) [الزخرف: ٣١ - ٣٢].
ثم أخذوا يطعنون بمحمد صلّى الله عليه وسلّم فيقولون عنه شاعر كاهن، ساحر، فقير، وهم يعلمون الفرق بين القرآن والشعر ولهذا رد عليهم بقوله: وَما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ قَلِيلًا ما تُؤْمِنُونَ (٤١) [الحاقة: ٤١].
وهذا هو الكفر وستر الحقائق وإخفاؤها، ولأنه للشعر قواعد معروفة فلا تخفى على من يهتم بالشعر.
وقالوا عن الرسول صلّى الله عليه وسلّم كاهن وهم يعلمون الفرق بين القرآن وكلام الكهان، ولذا رد عليهم بقوله: وَلا بِقَوْلِ كاهِنٍ قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ (٤٢) [الحاقة: ٤٢].
ولأن الكاهن ينسى ما يقوله فاستعمل كلمة تذكرون.
وقالوا عن الرسول صلّى الله عليه وسلّم أنه ساحر أتى به فلماذا لم يستعملوا السحر ويأتوا بمثله.
وكذلك قالوا عنه مفتر أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (١٣) [هود: ١٣]، فافتروا كما افترى بزعمكم.