أما في آية آل عمران فقد كانت المعركة محتدمة في أحد والمسلمون يقاتلون فأمنهم أولا، وغشاهم النعاس ثانيا حتى كان سيف أحدهم يسقط من يده ولا يشعر. فهنا الخوف موجود فعلا وهنا لك ببدر توقع الهجوم، فالخوف متوقع فهو يداعب أفكارهم.
ومنه قوله تعالى: قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً (٨٨) [الإسراء: ٨٨].
وقال: يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطانٍ (٣٣) [الرحمن: ٣٣].
ففي الأولى والتحدي بالقرآن قدم الإنس على الجن لأن الرسول صلّى الله عليه وسلّم من الإنس وجاء يتحداهم أولا والجن تبع لهم.
أما في سورة الرحمن فقوة الجن أقوى من قوة الإنس وقدرة الجن على الحركة في الكون أقوى وأسرع ولذلك جاء ذكرهم أولا.
ومنه قوله تعالى: وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [آل عمران: ١٣٩].
وقال: فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ (٣٥) [محمد: ٣٥].
ففي الآية الأولى أمران غير جائزين منهي عنهما باستمرار ولذلك سبق الأمران بلا الناهية لكل منهما.
وأما في الآية الثانية: استعمل لا الناهية بقوله (فلا تهنوا) ولم يستعملها مع (وتدعوا) فلم يقل (ولا تدعوا) لأنه لو قال ذلك لفهم منه أن الدعوة إلى السلم لا تجوز بكل حال مع أن القرآن الكريم أجاز السلم أحيانا ومنعه


الصفحة التالية
Icon