وفي أموال القسمة: وَإِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُوا الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفاً (٨) [النساء: ٨]. لأن (فارزقوهم فيها) أي تاجروا لهم فيها ونموها حتى لا يذهب أصلها. بينما في الآية الأخرى أعطوهم شيئا من الميراث صدقة ولذلك قال: (منه)، وقال في الأولى (وارزقوهم فيها) وهذا هو الفرق.
ومن ذلك قوله تعالى: فَلا تَبْتَئِسْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ [هود: ٣٦].
ويقول: فَلا تَبْتَئِسْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ [يوسف: ٦٩].
فالفعل يكون مقصودا وغير مقصود بدليل قوله تعالى بعدها: وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّما مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَما تَسْخَرُونَ (٣٨) [هود: ٣٨].
أما كلمة (يعلمون): فالعمل لا يكون إلا مقصودا. فقد ألقوا يوسف في الجب وقالوا عن أخيه: إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ [يوسف: ٧٧].
ومن ذلك قول الله تعالى: كَلَّا سَيَعْلَمُونَ (٤) ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ (٥) [النبإ: ٤ - ٥] فاستعمل حرف السين (سيعلمون) لأنهم في الدنيا فالعلم بذلك قريب.
وأما قوله تعالى: أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ (١) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ (٢) كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣) ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٤) [التكاثر: ١ - ٤] وسوف للزمن البعيد لذا استعملها لأن العلم بذلك سيكون بعد الموت لا قبله.
الأمثلة السابقة نماذج للعلاقة بين الكلمة والكلمة، وهذا مثال مبسط للعلاقة بين السور.