وإذا كانت الحاجة- كما يقولون- أم الاختراع، فقد كانت حاجة المسلمين فى البلاد غير العربية، هى التى دفعت العلماء للتفكير فيها، والقيام بها، كواجب دينى أساسى..
على عكس الحال عندنا، فقد عشنا فى البلاد العربية، لا نحس هذه الحاجة، ولذلك حين ظهرت الدعوة إلى الترجمة قام علماء يعارضونها باسم الدين!! وذلك من نحو أربعين سنة..
ولا أستطيع الآن ولا قبل الآن، أن أصل إلى أعماق قلوب المعارضين ونياتهم. وكان منهم كبار العلماء، ولكن الذى طرحته وقتها- على صغر سنى- ولا ازال أطرحه.. هو غفلة هؤلاء- ولا أقول سوء نيتهم ورغبتهم فى معارضة الشيخ المراغى صاحب المشروع- غفلتهم- عن واجبنا فى الدعوة إلى الاسلام، وتعريف غيرنا ما جاء به القرآن كوثيقة إلهية يمكن أن نعتمد عليها، ويعتمدوا عليها كذلك فى فهم الإسلام.
كيف كانوا يتصورون الطريقة المثلى لإبلاغ دعوة الاسلام إلى غير المسلمين؟
قد يقال: بواسطة كتب تشرح هذه الدعوة.
لكن مما لا شك فيه أن تقديم ترجمة للقرآن- وهو الوثيقة الالهية- تعتبر أبلغ وأقوى وسيلة مباشرة للدعوة للاسلام، وبيان أهدافه ومراميه، عن طريق كلام الله لا عن
طريق كلام من البشر..
ولعل مما يثير العجب والدهشة والحيرة أكثر وأكثر أننا حتى الآن- وفى المقدمة الأزهر- لم نعن بطبع ترجمة نعتمدها، ونقدمها للناس شرقا وغربا ليعرفوا عن طريقها الاسلام.
وحين يأتى زوار لنا من مسلمين لا يعرفون العربية أو غير مسلمين، ويطلبون منا ترجمة للقرآن، لا نستطيع أن نلبى طلبهم، ونقف عاجزين، والخجل يستولى علينا.. مع أننا ننفق الكثير والكثير فى طبع كتب عربية، هناك فى المكتبة العربية ما يسد مسدها..


الصفحة التالية
Icon