وقد جاء القرآن مغطيا لكل جوانب الحياة تفصيلا أو إجمالا، وزاده الرسول توضيحا وبيانا وتفصيلا، استجابة لأمر الله وتوجيهه
وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ٤٤ (١)
فلم يكن عجيبا، أن يركزوا كل حياتهم، ويوجهوا كل اهتمامهم إلى القرآن يلتمسون منه الرشد والهدى.
وكان أسلوب القرآن مع ذلك أسلوبا عربيا جديدا جاذبا أخاذا لم يسمع العرب الفصحاء مثله من قبل، ولم يتمالك أعتى المشركين من أن يصفه برغم معارضته له بقوله «إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة» كما لم يتمالك عمر بن الخطاب وهو فى ثورته ضد الرسول، وضد من اتبعه، من أن يلقى سلاحه، ويسلم حين سمع آيات منه من سورة «طه».
وكان العرب فى ذلك الوقت على أعلى درجة من الفصاحة، فلم يكن من الصعب عليهم، أن يفهموا القرآن، ويتذوقوا حلاوته.. وإن كانوا متفاوتين بالطبع فى مدى الفهم والإدراك.. وواقفين ضرورة عند بعض ألفاظ ومعلومات جديدة عليهم يحتاجون إلى تفسيرها وتجلية المراد منها.
وفى هذه الأرض الطيبة، وفى هذا المناخ، وضعت البذور الأولى لما كان يمكن أن نسميه: بعلوم الدين. من تفسير وحديث وأحكام وعقيدة..
كانت كلها شيئا واحدا يرسم طريق المسلم على هدى القرآن وتعليمه.. يتصل بعضه ببعض، ويغذى بعضه بعضا.. وكانت حياة الرسول ﷺ وأقواله، أوضح بيان وتفسير للقرآن الكريم.. وصورة عملية لما يطلبه الله من المؤمنين.. فحين سئلت السيدة عائشة رضى الله عنها عن خلق رسول الله، قالت: كان خلقه القرآن..
ومن أجل هذا يكون كلامنا عن تفسير القرآن أولا هو الوضع الطبيعى الواقعى.

(١) النحل/ ٤٤.


الصفحة التالية
Icon