فى مسنده وابن ماجة عن أبى هريرة رضى الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: القنطار اثنا عشر ألف أوقية»
ولو اعتبرنا ما فى الروايتين صحيحا، لكانت النتيجة أن الرسول قال مرة:
القنطار ألف أوقية، ومرة اثنا عشر ألف أوقية، والزمن واحد أو متقارب جدا، لا يحتمل تغيير وزن القنطار، فلا يعقل أن يصدر عن الرسول مثل هذا التناقض الواضح، ومع ذلك فهما روايتان، رواهما الحاكم، والإمام أحمد..
فلو قبلنا مثل هذه الروايات معصوبى الأعين، مغلقى العقول باعتبار أنها وردت فى بعض كتب السنة لأسأنا إساءة واضحة إلى رسول الله.
ولذلك فإن مما نحمد الله عليه أن نجد من المفسرين مثل الحافظ ابن كثير وتفسيره لهذه الآية يقف وقفة متأنية ناقدة ويقول: «لم يصح عن رسول الله ﷺ حديث فى تحديد القنطار وما ورد من ذلك فموقوف على الصحابة».
وليقل لنا الصحابة ما يشاءون حسب علمهم عن أمورهم، فقد تكون صحيحة، وقد تكون غير صحيحة، ولسنا ملزمين بأن نأخذ ما يروى عنهم كما هو- فكل يؤخذ منه ويردّ عليه، ما عدا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا بد إذن من التحوط فى قبول بعض الأحاديث الخاصة بتفسير القرآن، المروية فى بعض كتب الحديث عن الرسول بحيث لا نقبل منها إلا المقطوع بصحته فى كتب السنة، ذات الدرجة الأولى فى التوثيق، وإذا كان هذا بالنسبة لما يروى عن رسول الله فى تفسير القرآن فإن ما يروى عن الصحابة والتابعين يجب أن نقف موقف التحرز والتحوط منه، وما علينا من شىء إذا لم نقبل ما روى عن أحد منهم، وقلنا بغيره.