تقربا وتزلفا. والساعون لذلك كثيرون، ومن هذا وذاك تكونت الهالة الكبرى حول اسمه.
وهناك أمر آخر نعتقد أنه كان من أسباب الزيادات على ابن عباس.
فابن عباس مشهور بالعلم وله نسبه ومكانته والوضاعون لم يتورعوا عن الوضع على رسول الله ليؤيدوا وجهة نظرهم، برغم إنذار الرسول ﷺ للكذابين الذين ينسبون إليه ما لم يقله: (من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار)..
أقول إذا كان هناك من تجرأ ونسب إلى الرسول ما لم يقله، برغم هذا الإنذار، فإن الأمر يكون سهلا فى ذلك بالنسبة للوضع على ابن عباس، ونسبة كلام اليه لم يقله.. وهى- أعنى النسبة لابن عباس- تكسب الكلام على أية حال قوة لا يكتسبها من مجرد نسبة الكلام أو الرأى لقائله.
ومن هذا وذاك كثرت نسبة الروايات لابن عباس حتى وجدنا العلماء الناقدين يقفون أمام هذه الكثرة ويزنونها بالموازين التى وزنوا بها أحاديث الرسول أعنى من وجهة الرجال الذين رووا كلامه، ومبلغهم من الثقة، فيزيفون الكثير، ويضعفون الكثير، ويخرجون لنا بالطريقة أو ببعض الطرق التى يمكن أن نثق بها على تفاوت فى هذه الثقة.
ولا شك أن اهتمام الناقدين من العلماء بنقد الرجال الذين يروون عن ابن عباس هو دليل على اهتمامهم، أو إن شئت فقل اهتمام جمهرة طلاب العلم والعلماء، بما يروى عنه، واحتجاجهم به، فكان لا بدّ من غربلته، حتى يتبين الصحيح السليم من غيره.
ولعل مظهر هذا الاهتمام يبدو لنا واضحا جليا فى كتب التفسير.. فإننا لا نكاد نجد آية إلا وقد روى المفسرون فى معناها رأيا لابن عباس، وقد يذكرون له رأيين متعارضين فى الآية، مما يقطع بعدم صحة الروايتين أو إحداهما على الأقل، ومع ذلك تروى الروايتان!! كما رووا عنه فى اسم الشجرة التى أكل منها آدم فى تفسير الطبرى..