لا تسألوا عن أشياء...
إن المعروف فى تاريخ الأديان والمذاهب حتى الوضعية منها أن الدور الأول فيها يكون الجهد فيه منصرفا الى القواعد العامة، والى إشعال الروح، والى التطبيق العملى
لتعاليمها.. أما التفريعات والتعليلات، أو التماس فلسفة لهذه القواعد وهذه التعاليم، فذلك يكون بعد إرساء القواعد، وتكميل البناء، وغالبا ما يصاحب ذلك شىء من خمود الروح ولو نسيبا عما كانت عليه فى الدور الأول.. دور الحماس وفوران العاطفة..
لقد وجدنا القرآن الكريم يتعرض لأناس يكثرون من سؤال الرسول ووجدوها فرصة يشبعون فيها نهمهم فى الأسئلة عما فى نفوسهم حتى أدى شغفهم بكثرة الأسئلة إلى أن يسأل واحد منهم رسول الله: اين أبى؟ فيضطر الرسول إلى أن يخبره أنه فى النار، وكان قد مات على الكفر.. ويسأل آخر: من أبى؟ وآخر أين ناقتى؟ وآخر يسأله عن الحج أواجب مرة فى العمر أم فى كل سنة.. إلى غير ذلك، فأنزل الله آية تحسم هذه الحالة، وتحد منها، لأنها لا جدوى منها ولا تتناسب مع الرسول ووقته ومهمته، ولا مع الصحابة وما ينبغى أن ينصرفوا إليه فى حياتهم، فقال
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْئَلُوا عَنْها حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْها وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ ١٠١ قَدْ سَأَلَها قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِها كافِرِينَ ١٠٢ (١)
وفى ألفاظ الآيتين وترتيبها المنطقى من قوة الردع والزجر ما تنخلع منها القلوب وتخرس الألسنة «إن تبد لكم تسؤكم. وإن تسألوا عنها حين ينزل