الحقيقة الثالثة: أن أهم ما جاء القرآن من أجله هو العقائد والأحكام، وما يتصل بها من مكارم الأخلاق، ومن أجل توضيح العقائد وتدعيمها، والتدليل عليها، وتثبيت الداعين إليها، جاءت الآيات التى تتحدث عن دلائل قدرة الله فى خلقه، والآيات التى تسرد قصص السابقين...
أما الآيات التى تتحدث عن العقائد، كالإيمان بالله وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر فهى آيات واضحة، يفهم مضمونها كل عربى، دون كبير عناء وبمجرد أن يسمعها أو يقرأها، حتى بعد أن ضعفت السليقة العربية فيهم، وذلك فى حدود قدرته وتصوره، وأما آيات الأحكام والأخلاق، فهى فى جملتها كذلك واضحة محددة، وتكفل الرسول أيضا بزيادة بيانها وتوضيحها قولا وعملا...
ومثل ذلك فى العقائد:
(إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ) (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً) (إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) (آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ) (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ).. (وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ) (آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ).. إلى غير ذلك من الآيات التى يدرك العقل ما ترمى إليه.
ومثل ذلك فى الأحكام:
«وأحل الله البيع وحرم الربا» و «إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه»، «يوصيكم الله فى أولادكم للذكر مثل حظ الانثيين. إلى آخر الآيتين.. إلى غير ذلك من الآيات..
ومثل ذلك فى الأخلاق:
«وبالوالدين احسانا وبذى القربى واليتامى والمساكين والجار ذى القربى» الآية. «ادفع التى هى أحسن».
فكانت هذه الآيات على قدر من الوضوح يكفى لالزام المخاطبين بمضمونها،