هذه نتيجة أحب أن يتذكرها القارئ لأن لها أهميتها عند ما يقرأ ما جاء فى تفسير قصص القرآن، من أخبار زائدة من منطوق القرآن.. من أين جاءت وعمن رويت، لأنهم ما داموا قد علموا هذه القصص من القرآن. وفى ثناياها أخبار طويت، لعدم الحاجة إليها فى ابراز العبرة من القصة، فمن أين جاء العلم بها؟ هل سأل الصحابة عنها رسول الله وأجابهم؟ أو سكتوا، واكتفوا، بالعبرة الظاهرة من القصة، دون أن يتابعوا تفاصيلها الخفية التى تركها القرآن؟ تلك التفاصيل التى رأيناها تثار فيما بعد، ويسأل عنها، لأن النفس البشرية فيها غريزة حب الاستطلاع، وهى تجرى وراء هذه الغريزة، متى كان الجو صالحا ومساعدا. كما رأينا ذلك بعد عصر الفتوح والاتجاه إلى الاستقرار والبحث، ولا سيما بعد دخول غير العرب فى الاسلام وخاصة من اليهود والنصارى.
لم نجد الصحابة يتابعون هذه الأخبار التى طويت، أو هذه الفجوات التى تركت فى القصة بسؤال الرسول عنها، ولم نجد فيما روى صحيحا عن الرسول، ما يشبع حب الاستطلاع الطبيعى لدى النفوس...
فراغ سدوه بالاسرائيليات:
ومن هنا وجد الفراغ الذى حاول المسلمون سده، بعد زمن الرسول، عن طريق علماء اليهود والنصارى، أو عمن ظنوهم علماء بالتوراة، وربما لم يكونوا من العلماء، بل من النقلة المحرفين، الذين يحرفون ويزيدون، أو من عوامهم الذين يسمعون وينقلون، ويستمع منهم المسلمون، حتى لتجد كتب التفسير محشوة بتفاصيل لهذه القصص، لم يذكرها القرآن ولكنها مأخوذة عن هؤلاء مما اشتهرت تسميته: بالاسرائيليات. وبعض هذه الاسرائيليات تجدها معزوة إلى ابن عباس وغيره من الصحابة والتابعين- كما قلنا من قبل- مما يوهم روايتها عن الرسول صلى الله عليه وسلم. وما هى كذلك.. وإنما هذا هو مصدرها الذى أتت منه: أولا: اليهود الذين أسلموا ونصبوا من أنفسهم أو نصب منهم المسلمون معلمين، مخبرين بما لم يذكره القرآن من تفاصيل القصص، وثانيا: الذين لم يسلموا واطمأن المسلمون إلى أقوالهم..


الصفحة التالية
Icon