قول القائلين بوقوع غير العربي في القرآن؛ لأنه لو كان واقعا لتوهم متوهم أن العرب عجزت عن الإتيان بمثله لأنه يشتمل على غير لغاتهم (١).
ثم يقرر الشاطبي أن الخلاف في مجيء كلمات أعجمية في البيان القرآني لا ينبني عليه حكم شرعي. ولكنّ القول بأن القرآن نزل بلسان العرب يهدي إلى أنه لا يمكن أن يفهم إلا من جهة لسان العرب؛ لأن معنى عربيته" أنه أنزل على لسان معهود العرب في ألفاظها الخاصة، وأساليب معانيها، وأنها فيما فطرت عليه من لسانها تخاطب بالعام يراد به ظاهره، وبالعام يراد به العام في وجه والخاص في وجه، وبالعام يراد به الخاص، والظاهر يراد به غير الظاهر.. وكل هذا معروف عندها، لا ترتاب في شيء منه، هي، ولا من تعلّق بعلم كلامها.
فإذا كان كذلك؛ فالقرآن في معانيه، وأساليبه على هذا الترتيب. فكما أن لسان بعض الأعاجم لا يمكن أن يفهم من جهة لسان العرب.. كذلك لا يمكن أن يفهم لسان العرب من جهة فهم لسان العجم؛ لاختلاف الأوضاع والأساليب.
والذي نبّه على هذا المأخذ في المسألة هو الشافعي الإمام في رسالته الموضوعة في أصول الفقه" (٢).
ونص الشافعي في ذلك قوله:" ومن جماع علم كتاب الله: العلم بأن جميع كتاب الله إنما نزل بلسان العرب" (٣).. " وأنه لا يعلم من إيضاح جمل علم

(١) البرهان في علوم القرآن، ١/ ٢٨٧ وما بعدها.
(٢) الموافقات، ٢/ ٦٥، ٦٦.
(٣) الرسالة، ص ٤٠.


الصفحة التالية
Icon