سنة رسوله أن يتكلف فيهما فوق ما يسعه لسان العرب، وليكن شأنه الاعتناء بما شأنه أن تعتني العرب به، والوقوف عند ما حدّته (١).
وكان مقتضى هذا الدليل، والذي قبله أن يأتي الشاطبي من الكتاب والسنة بما فيه إهمال بعض أحكام اللفظ، أو ما رمى به الكلام على عواهنه، هكذا يقول الشيخ دراز.. لكنّ الشاطبي رتب على هذين الدليلين نتيجة لا علاقة لها بهما، فقال:
" لا يستقيم في كتاب الله، أو سنة رسول الله أن يتكلف فيهما فوق ما يسعه لسان العرب".
وتعقبه صاحب" سبل الاستنباط":" بأن حديثه في فقه النص على معهود العرب في بيانها، فأدخل فيه ذم التكلف في الفهم. والواقع أن ثمّ تناقضا بين التكلف والفهم.. إنهما لا يلتقيان؛ لأن الفهم ينبثق من النص، والتكلف يسقط عليه من خارجه" (٢).
وبعد ذلك كله فإنّا نقول: إن كل ما ذكرناه هنا، يتلخص في أن عربية القرآن تعني أنه يفهم من خلال معهود العرب في تلقي الخطاب أيام التشريع.
هذا ما أكده المفسرون والأصوليون. قال صاحب" المنار":" على المدقق أن يفسر القرآن بحسب المعاني التي كانت مستعملة في عصر النزول" (٣).
فمن غفل عن ذلك وأخذ ألفاظ القرآن دون مراعاة أوضاع اللغة عند العرب زلّ فهمه، وجانب الصواب. ودونك.. فانظر ما يسمى ب" التأويل
(٢) سبل الاستنباط، ص ٤٣٣.
(٣) تفسير المنار، ١/ ٢١، ٢٢.