ومن ذلك أيضا من فسّر" غوى" في قوله تعالى: وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى [سورة طه: ١٢١] بأن معناه: تخم من أكل الشجرة.. من قول العرب:
" غوي الفصيل، يغوى، غوى، فهو غو" إذا بشم من شرب اللبن! وهو فاسد؛ لأن" غوي الفصيل" على وزن" فعل"، والذي في القرآن على وزن" فعل" فمادة الفعلين مختلفة.
فإن قيل: ما اعتبره الشاطبي فاسدا من الممكن أن نجد له محملا سائغا في اللغة العربية، وذلك بأن يكون ما في القرآن على" فعل"- بفتح العين- هو عينه ما على" فعل"- بكسرها.. غاية الأمر أنه إذ ذاك يكون سيرا على لغة من يقلب الياء المكسور ما قبلها ألفا، فيقول في بقي: بقى (وهم قبيلة طيء).. ومما يرجح هذا أنه قد قرئ بهذا- أعني ما على" فعل" بكسر العين ولا معنى له إلا هذا- وتفسير قراءة بأخرى- إذا أمكن الجمع بينهما- مما لا ينكر رجحانه..
إن قيل ذلك؛ فإنا نقول: إنه لا يعدل بالحرف من القرآن عن أفصح الأوجه إلى ما دونه في الفصاحة إلا حيث يتعذر الأخذ بذلك الأفصح.. دع عنك أن يترك الأفصح ويقال بالضعيف الذي لم يسلكه القرآن من أقصاه إلى أقصاه في أيّ من حروفه كما هنا! فمن أين لعاقل بتعذر الأفصح في هذا الحرف والظاهر المتبادر فيه كأبلغ ما يكون التبادر؟! فأما أمر هذه القراءة؛ فإنه إنما يؤخذ بمقتضى القراءة إذا تواترت. فأما إذا كانت من الشذوذ، بحيث لم يستجز العلماء القول بمقتضاها؛ فمن معرض عن ذكرها بالكلية، ومن طاعن عليها أعظم الطعن..
فإنها إن لم تجلب ضررا؛ فلا تجدي نفعا.


الصفحة التالية
Icon