ما كان راجح الدلالة على معناه بنفسه.. احتمل مرجوحا" كالظاهر"، أو لم يحتمل" كالنص". وأن المتشابه ما ليس كذلك، أي ما كان غير راجح الدلالة بنفسه.. مرجوحا كان" كالمؤوّل"، أو مستوي الدلالة" كالمجمل" (١).
وكأني بك الآن قد علمت من مجرى الحديث عن هذه الحروف أن أقربها هو ما ذكرناه أولا؛ إذ الأصل في الألفاظ استعمالها فيما وضعت له، ولا يجوز أن تخرج عن هذا الأصل إلا إذا صرفت عنه أدلة أو قرائن معتبرة. على أنه ليس في لغة العرب شاهد قوي يؤيد هذه الأقوال التي
ذكرها الشاطبي وغيره، وليس في سياق القرآن قرينة تسندها. ولا تقولنّ إنها مروية عن السلف؛ إذ قد روي عنهم السكوت أيضا والتوقف، على أن من المقرر في أصول الحديث أنه لا تلازم بين السند والمتن.. فليس كل ما روي بسند صحيح؛ يكون صحيح الدلالة على معناه.
ولله درّ الأستاذ الجليل الدكتور محمد عبد الله دراز حيث يقول:" وإذا ثبت الاختلاف في المسألة عنه- أي ابن عباس- بل عن كلّ منهم؛ فقد أصبحت مسألة اجتهادية، وجب على الناظر أن يتخير أقواها مدركا، وأقربها إلى ذوق العربية" (٢).
(٢) حصاد قلم، د. محمد عبد الله دراز، ص ٤٤.