قوله: وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ [سورة سبأ: ٢٤]- والأدب في إجراء الأمور حسب العادات (١)..
أقول: أرى ما رآه من أن هذه الأمثلة آداب شرعية، لا أحكام شرعية تندرج تحت الحلّ والحرمة.
أما الذي لا يسلّم له؛ فهو أن هذه الدلالة ليست من قبيل الدلالة الوضعية. اللهم إلا إن أراد بالوضع الوضع التحقيقي. أما إن أراد أنها ليست من قبيل الدلالة اللفظية من أي وجه؛ فذلك مدفوع؛ إذ إن ما ذكره من معان إنما هو من قبيل خصائص التراكيب ومستتبعاته (٢).
وفي القسم الرابع: إشارة إلى المنطوق والمفهوم، وهذا من أنواع علوم القرآن بلا ريب.
وقبل أن ننفض أيدينا من هذا البحث نذكر عصارة ما قاله علماء القرآن في بيانه..
قال السيوطي:" المنطوق: ما دل عليه اللفظ في محل النطق. فإن أفاد معنى لا يحتمل غيره؛ فالنص، نحو: فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ [سورة البقرة: ١٩٦]... ، أو مع احتمال غيره احتمالا مرجوحا؛ فالظاهر، نحو فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ [سورة البقرة: ١٧٣]، فإن الباغي يطلق على الجاهل وعلى الظالم، وهو فيه أظهر وأغلب، ونحو وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ [سورة البقرة: ٢٢٢]، فإنه يقال لانقطاع طهر، وللوضوء والغسل، وهو في الثاني أظهر.
فإن حمل على المرجوح لدليل؛ فهو تأويل، ويسمى المرجوح المحمول عليه مؤولا،
(٢) سبل الاستنباط، ص ٤٤٦.