سؤال يحتاج إلى إجابة، ولا يستطيع أولئك القوم أن يجيبوا، لضلالة فى نفوسهم، وضيق فى تفكيرهم، وغياب فى عقولهم. إن كتاب الله بين أيدينا يدعو العقل إليه:
تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً [الملك: ١ - ٣].
حجج وأدلة تهدى من يريد الله له الهداية واستخدم عقله وحواسه فى مواطنها التى خلقت من أجلها، وَجَعَلْنا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصاراً وَأَفْئِدَةً [الأحقاف: ٢٦]، وليس من المغالاة
إذا قلنا: إن كلام الله وقرآنه قد وجه كل آية إلى أولئك الذين ألغوا عقولهم وتفكيرهم واتجهوا اتجاهات باطلة فى عبادة غير الخالق الذى رزقهم وأطعمهم وسقاهم وبيده الخير، انحرفوا إلى عبادات باطلة تتمثل فى آلهة يعتقدون ألوهيتها، وأصنام يصنعونها بأيديهم ثم يعبدونها، وظواهر طبيعية تبدو لهم فى رعد وبرق، ومخلوقات خلقها الله بقدرته من شمس، وقمر، وملائكة، وحيوانات، اعتقدوا فى ذلك النفع والضرر، وآمنوا بها وهم يعلمون أنها لا تقدم ولا تؤخر، ولكنهم مع ذلك أسلموا إليها قياد أنفسهم، يستشيرونها فيما يقدمون عليه من عمل وما يريدون إنجازه من أمور، يضربون القداح، ويستقسمون بالأزلام، ويرضخون لعادات باطلة من صنع أيديهم، وإلغاء عقولهم.
تأخرت بهم تلك المعتقدات الباطلة عن انتشال أنفسهم من مهاوى الضلال، والتقليد، وباءوا بخسران مبين، حتى أصبحت الهوة شاسعة بينهم وبين غيرهم من الشعوب المجاورة، والمجتمعات الأخرى التى تمتعت بقسط وافر من التقدم فى مجالات الحياة، وتحقيق النظم الاجتماعية المتطورة.
هوة شاسعة بين طريقين: طريق جهالة، وطريق علم، تقدم وتأخر، تفكك وتجمع.
لم يرجع هؤلاء الذين أرسل إليهم رسول الله إلى فطرتهم التى فطرهم الله عليها، وكانت كفيلة بالأخذ بأيديهم إلى القرب من الصفاء، والتقاط الهداية من قبل السماء، فالإنسان الذى يولد على الفطرة لا يرى غير وجه الله، وقد دعت ذلك الأعرابى الذى لم يتلوث بأضاليل الشياطين من إنس وجن، ولم يحجب ذلك النور الإيمانى من سرعة الظهور، حينما سنحت فرصته، غطاءات من أدناس النفس والحياة، حينما سمع