بأعماله، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر.
ثم أعقب هذه الآية بذلك المثل وتلك القصة التى تناولت تلك القرية التى حاربت رسل الله إليها، وما كان من وراء ذلك من نتائج بالغة للفريقين، الذين آمنوا، والذين كفروا.
١ - قال الله تعالى: وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جاءَهَا الْمُرْسَلُونَ إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُما فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ فَقالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ قالُوا ما أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا وَما أَنْزَلَ الرَّحْمنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ قالُوا رَبُّنا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ وَما عَلَيْنا إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ قالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ قالُوا طائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَإِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ وَجاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعى قالَ يا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْئَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ وَما لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمنُ بِضُرٍّ لا تُغْنِ عَنِّي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً وَلا يُنْقِذُونِ إِنِّي إِذاً لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قالَ يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِما غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ [يس: ١٣ - ٢٧].
أمر من الله لرسوله، عليه الصلاة والسلام، أن يقص على كفار مكة، ومشركى قريش، ومن يناصبونه العداء، وينكرون ما يدعو إليه من دين ورسالة، وإيمان بالبعث والنشور، والحساب يوم القيامة.
يقص عليهم قصة تلك القرية الظالمة، التى جاءها رسل الله يبلغونهم دعوة الله، فقوبلوا بالتكذيب؛ لأنهم بشر مثلهم، وكأن الله فى اعتقادهم يجب أن يجعل رسالته فى جنس آخر من الجن، أو من الملائكة، حتى يكون كلامهم مسموعا، ومصدقا، ومسلما بصحته، وكانت المحاجة بين الفريقين، حاول الفريق المؤمن أن يثير فى نفوس أولئك الكفار دوافع الإيمان، بأن الله يعلم حيث يجعل رسالته، وأنهم لو كذبوا على الله فى التبليغ لانتقم منهم، وأنه سيعزهم بنصره وتأييده، وستكون العاقبة لهم، والفرصة سانحة للهداية، فإن أطعتم ربكم، كانت لكم السعادة فى الدنيا والآخرة، وإن لم تستجيبوا كانت العاقبة وخيمة، وكانت جهنم وبئس القرار مثوى لكم.
ثم كملت صورة المثل بموقف ذلك الرجل الصالح الذى سمع أولئك الدعاة،