ومنهجه وتشريعه معجز فيما أرشد إليه من حقائق علمية كشف وما زال يكشف عنها العلم الحديث يوما بعد يوم إلى غير ذلك من وجوه الإعجاز.
قال تعالى: سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ (١).
ومن خصائص القرآن: أنه كتاب الخلود وليس كتاب جيل ما ولا كتاب عصر ما بل هو كتاب الزمن كله قيض له الله رجالا أمناء حفظوه فى صدورهم وسطورهم، فلن تقوى عليه يد الزمان، ومن دلائل ذلك أن أكثر من أربعة عشر قرنا من الزمن مرت على نزول هذا القرآن ولم يزل كما أنزله الله وكما بلغه محمد صلّى الله عليه وسلم وكما تلقاه الصحابة ومن بعدهم جيلا إثر جيل محفوظا فى الصدور، متلوا بالألسنة مكتوبا بالمصاحف يستظهره مئات الآلاف من أبناء المسلمين حتى الصبيان منهم، بل حتى الأعاجم الذين لا يعرفون لغته.
قال تعالى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ (٢).
ومن خصائص كتاب الله العزيز الشمول فهو كتاب الحياة كلها وكتاب الإنسانية كلها فليس هو لجنس دون جنس، ولا لوطن دون وطن، ولا لطائفة دون طائفة، إنه كتاب الجميع ودستور الجميع فى نسق فريد ونظم بديع، ومن شمول القرآن: أن طالب الحقيقة العقلية يجد فى القرآن ما يرضى منطقه ويأخذ بلبه، والباحث عن الحقيقة الروحية يجد فى القرآن ما يرضى ذوقه ويغذى وجدانه، والحريص على القيم الأخلاقية يجد فى القرآن ضالته وطلبه.
وعاشق القيم الجمالية يجد فى القرآن ما ينمى حاسته الجمالية ويغذى شعوره، ومن شمول القرآن: أنه لا يخاطب العقل وحده ولا القلب وحده، بل يخاطب الكيان الإنسانى كله فيقنع العقل ويحرك القلب فى وقت واحد كذلك.

(١) فصلت: ٥٣.
(٢) الحجر: ٩.


الصفحة التالية
Icon