العلم كسفيان بن عيينة وابن وهب وابن جرير والطحاوى أن المراد بالأحرف السبعة سبعة أوجه من المعانى المتقاربة بألفاظ مختلفة نحو (أقبل، تعال، هلم) ونحو (أقوم، أصوب، أهيأ) فهى ألفاظ مختلفة بمعنى واحد أو متقارب.
وكان لرسول الله صلّى الله عليه وسلم كتّاب للوحى من أجلاء الصحابة كعلى بن أبى طالب، وأبى بن كعب، وزيد بن ثابت وغيرهم. تنزل الآية فيأمرهم بكتابتها ويرشدهم إلى موضوعها من سورتها، فيقول لهم: ضعوا هذه الآية فى الموضع المعين بين آية كذا وآية كذا، وضعوا هذه السورة بجانب تلك السورة وكانوا يكتبونه فى العسب- وهو جريد النخل، واللخاف- وهى الحجارة الرقاق- والرقاع من جلد أو ورق، وكان ذلك موزعا فى بيوت الصحابة لم يجمع فى مكان واحد، هذا من جهة، ومن جهة أخرى كان محفوظا فى صدور الصحابة رضى الله عنهم أجمعين.
وكان جبريل عليه السلام يعارض رسول الله صلّى الله عليه وسلم القرآن حين يلقاه فى كل ليلة فى شهر رمضان، والمراد من معارضته له بالقرآن كل سنة مقابلته على ما أوحاه إليه عن الله تعالى ليبقى ما بقى ويذهب ما نسخ توكيدا واستثباتا وحفظا، ولهذا عرضه فى السنة الأخيرة من عمره صلّى الله عليه وسلم على جبريل مرتين. وعارضه جبريل كذلك، وكان الصحابة يعرضون على رسول الله صلّى الله عليه وسلم ما لديهم من القرآن حفظا وكتابة كذلك.
وجمع القرآن كله بهذه الصورة على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم وإنما لم يجمع القرآن فى مصحف واحد فى عهده صلّى الله عليه وسلم لما كان يترقبه من ورود ناسخ لبعض أحكامه أو تلاوته كما أن ترتيب الآيات لم يكن بترتيب النزول، بل تكتب الآية بعد نزولها على حسب ما يرشد صلّى الله عليه وسلم إلى موضع كتابتها بين آية كذا وآية كذا فى سورة كذا.
فتم كتابة القرآن فى السطور وجمعه فى الصدور ويسمى هذا الجمع فى عهد النبى صلّى الله عليه وسلم حفظا وكتابة (الجمع الأول).
فلمّا كمل القرآن وانتهى نزوله بوفاته صلّى الله عليه وسلم ألهم الله الخلفاء الراشدين جمع كتابه


الصفحة التالية
Icon