واستدل أصحاب هذا القول بجملة أحاديث عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أذكر منها حديث أنس رضى الله عنه: (أن النبى صلّى الله عليه وسلم وأبا بكر، وعمر- رضى الله عنهما- كانوا يفتتحون الصلاة ب الحمد لله ربّ العالمين) (١).
وأما القول فى الجهر بها أو الإسرار فمداره على هذا فمن قال بأنها آية قال بالجهر بها فذهب الشافعىّ رحمه الله إلى أنه يجهر بها مع الفاتحة والسورة، وهو مذهب طوائف من الصحابة والتابعين وأئمة المسلمين سلفا وخلفا، فجهر بها من الصحابة أبو هريرة وابن عمر وابن عباس ومن التابعين عكرمة والزهرى وابن المسيب ومجاهد وغيرهم ومن رأى أنها ليست آية قال بعدم الجهر بها، وهذا هو الثابت عن الخلفاء الأربعة، وعبد الله بن مغفل، وطوائف من سلف التابعين، والخلف وهو مذهب أبى حنيفة، والثورى، وأحمد بن حنبل (٢).
فهذه أقوال الأئمة رحمهم الله فى هذه المسألة وهى قريبة لأنهم أجمعوا على صحة صلاة من جهر بالبسملة ومن أسربها وقد أجمعت الأمة لذلك أنه لا يكفر من أثبتها ولا من نفاها لاختلاف العلماء فيها بخلاف ما لو نفى حرفا مجمعا عليه أو أثبت ما لم يقل به أحد فإنه يكفر بالإجماع.
* قلت: والجمع بين هذه الأقوال هو الراجح وحاصله أنه صلّى الله عليه وسلم كان يجهر ب بسم الله الرحمن الرحيم تارة، ويخفيها أكثر مما يجهر بها، وهو قول الإمام ابن
القيم الجوزية (٣).
ثانيا: بالنسبة لأوجه الابتداء من حيث وصلها بالاستعاذة وبما بعدها أو قطع ذلك ففيها أربعة أوجه (٤):
(٢) نيل الأوطار: باب ما جاء فى بسم الله الرحمن (ج ٢ ص ١٩٨).
(٣) انظر زاد المعاد فى هدى خير العباد (ج ١ ص ١٤١).
(٤) الشاطبية فى القراءات السبع وشروحها بتصرف.