وأما القراءة فى الطريق فالمختار أنها جائزة غير مكروهة إذا لم يلته صاحبها فإن التهى كرهت ولو قرأ قائما أو مضجعا، أو فى فراشه، أو على غير ذلك من الأحوال، جاز وله أجر، ولكن دون الأول يعنى دون من جلس متخشعا بسكينة فهذا هو الأكمل ولا شك (١).
وهنا تتوارد بعض المسائل الفقهية: المسألة الأولى: (وهى هل يجوز للحائض أو النفساء والجنب قراءة القرآن؟).
للعلماء فى هذه المسألة ثلاثة أقوال مشهورة أعرضها ثم أذكر الراجح منها الذى تقوم به الأدلة..
القول الأول فى هذه المسألة:
فهو المنع واستدل المانعون بحديثين لا يصلحان للاحتجاج بهما باتفاق أهل المعرفة بالحديث وذلك لعدم ثبوتهما عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم لما اعتراهما من ضعف فى السند فلا يغتر بهما المانعون ومن سلك مسلكهم.
فالحديث الأول: عن علىّ رضى الله عنه وفيه أن النبى صلّى الله عليه وسلم «كان يقضى حاجته، ثم يخرج فيقرأ القرآن، ويأكل معنا اللحم، ولا يحجبه من القرآن شىء إلا الجنابة».
فهذا الحديث فيه أنه موقوف (٢) على علىّ رضى الله عنه- ثم إنه ليس فيه نهى عن قراءة الجنب والحائض، بل هو مجرد فعل، واستدل على المنع أيضا بحديث جابر، وابن عمر- رضى الله عنهما- مرفوعا (٣) «لا يقرأ الجنب ولا

(١) التبيان فى آداب حملة القرآن للإمام النووى (ص ٣٨، ص ٣٩) بتصرف.
(٢) الموقوف: هو الموقوف على الصحابى قولا أو فعلا... وهو الذى يسميه كثير من الفقهاء والمحدثين أيضا (أثرا).. وليس الموقوف حجة (انظر الباعث الحثيث ص ٣٧).
(٣) المرفوع: هو ما أضيف إلى النبى صلّى الله عليه وسلم قولا أو فعلا عنه، «نفس المصدر السابق»
.


الصفحة التالية
Icon