روى عن ابن عباس- رضى الله عنهما: لأن أقرأ البقرة وآل عمران وأرتلهما وأتدبرهما أحب إلىّ من أن أقرأ القرآن كله هذرمة أى (بسرعة) (١).
وذكر الإمام السيوطى عن ابن مسعود قوله: قفوا على عجائبه وحركوا به القلوب، ولا يكن همّ أحدكم آخر السورة (٢).
وقال الحسن البصرى رحمه الله تعالى: والله ما تدبره بحفظ حروفه وإضاعة حدوده. حتى إن أحدهم ليقول: قرأت القرآن كله. ما يرى له القرآن فى خلق ولا عمل (٣).
وهكذا ينبغى لتالى القرآن أن ينظر كيف لطف الله بخلقه فى إيصال معانى كلامه إلى أفهامهم وأن يستحضر عظمة المتكلم سبحانه، ويتدبر كلامه، ويتفهم معانيه، وما أراد الله منا بهذا القرآن، ويطبع نفسه على قبول ما جاء به قبولا ينعكس أثره، ويظهر فى العمل والتنفيذ، وأن يستوضح من كل آية ما يليق بها، ويتفهم ذلك.
فإذا تلا قوله تعالى: خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ (٤) فليعلم عظمته سبحانه وتعالى يتلمّح قدرته فى كل ما يراه فهذه السماء من ذا رفعها بلا عمد؟ ونثر فيها النجوم بلا عدد وهذه الأرض من ذا الذى سطحها ومهدها وشق فيها البحار والأنهار وأخرج من بطنها الثمار والأزهار فأيّا كان حظ الإنسان من العلم. فهذه المشاهد يمكن أن يدركها فتحرك قلبه ووجدانه وجوارحه نحو الخالق المبدع سبحانه وتعالى.
وإذا تلا أَفَرَأَيْتُمْ ما تُمْنُونَ أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخالِقُونَ (٥) فليفكر فى

(١) مختصر منهاج القاصدين لابن قدامة (ص ٥٢)، ولم أجده بسنده إلى ابن عباس.
(٢) الأتقان فى علوم القرآن للسيوطى (ج ١ ص ١٤٠)، ولم أقف عليه بسنده إلى ابن مسعود.
(٣) هذا الأثر المقطوع ذكره ابن كثير (ج ٤ ص ٣٤). وقال رواه ابن أبى حاتم.
(٤) الأنعام: ١.
(٥) الواقعة: ٥٨، ٥٩.


الصفحة التالية
Icon