وحول مسألة قراءة القرآن عند القبور، وهل يصل إلى الميت ثواب ما يقرأ؟
* أما قراءة القرآن عند القبور حال الدفن وبعده:
فلا أصل له فى السنة، بل الأحاديث المذكورة فى المسألة تشعر بعدم مشروعيتها. إذا لو كانت مشروعة لفعلها رسول الله صلّى الله عليه وسلم وعلمها أصحابه. ولا سيما وقد سألته أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها عما تقول، إذا زارت القبور؟ فعلّمها السلام والدعاء، ولم يعلمها أن تقرأ الفاتحة أو غيرها من القرآن.
فلو كانت القراءة مشروعة لما كتم ذلك عنها ولو أنه صلّى الله عليه وسلم علمهم شيئا من ذلك لنقل إلينا فإذ لم ينقل بالسند الثابت دل على أنه لم يقع ومما يقوى عدم
المشروعية قوله صلّى الله عليه وسلم: «لا تجعلوا بيوتكم مقابر، فإن الشيطان ينفر من البيت الذى تقرأ فيه سورة البقرة» (١).
فقد أشار صلّى الله عليه وسلم إلى أن القبور ليست موضعا للقراءة شرعا لذلك حض على قراءة القرآن فى البيوت، وحذر من جعلها كالمقابر التى لا يقرأ فيها. والنهى عن القراءة عند القبور هو مذهب جمهور السلف كأبى حنيفة ومالك وغيرهم، وقد سئل الإمام أحمد عن القراءة عند القبر؟ قال: لا وهو عند الإمام الشافعى بدعة (٢).
* وأما وصول ثواب ما يقرأ إلى الميت:
فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
«.. ومن قال إن الميت ينتفع بسماع القرآن ويؤجر على ذلك، فقد غلط.
فالميت بعد الموت لا يثاب على سماع ولا غيره، غير ما استثنى من قوله صلّى الله عليه وسلم «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له» (٣).. والله تعالى أعلى وأعلم.
(٢) راجع أحكام الجنائز للألبانى (ص ١٩١)، اقتضاء الصراط المستقيم لابن تيمية (ص ٧٤٢).
(٣) مجموع الفتاوى (ج ٢٤ ص ٣١٧)، والحديث رواه مسلم بشرح النووى (ج ١١ ص ٨٥).