كان المقصود بالمرض هو الجهل والكفر، فإن الله زادهم جهلا وكفرا لإصرارهم في موقفهم من المؤمنين. والمعتزلة يرفضون حمل المرض هنا على الكفر، لأن ذلك يؤدي إلى القول بأن الله خلق في قلوبهم مزيدا من الكفر، فالزيادة على حد قولهم من جنس المرض. وينفي فعل الله للكفر هنا أنه قال بعد ذلك:
وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ فهم منافقون كاذبون، مرضت قلوبهم حنقا على المسلمين، وتظاهروا بموالاتهم، فأنذرهم الله بالعذاب الأليم الذي أعده لأمثالهم، جزاء على كفرهم ونفاقهم. فالكذب هنا هو قولهم:
آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ.
١١ - وَإِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ
من القائل لهم لا تفسدوا في الأرض؟ قال بعض المفسرين: القائل هو الله تعالى لنهيه عن الكفر والفساد.
ومن المفسرين من قال هو الرسول عليه السلام. ومنهم من قال: بعض المؤمنين. يقول الرازي: «وكل ذلك محتمل، ولا يجوز أن القائل بذلك من لا يختص بالدين والنصيحة، وإن كان الأقرب هو أن القائل لهم ذلك من شافههم بذلك، فإما أن يكون الرسول عليه السلام بلغه عنهم النفاق ولم يقطع بذلك، ونصحهم، فأجابوا بما يؤكد إيمانهم، وأنهم في الصلاح بمنزلة سائر المؤمنين، وإما أن يقال إن بعض من كانوا يلقون إليه الفساد كان لا يقبله منهم، وكان ينقلب واعظا لهم، قائلا لهم لا تفسدوا في الأرض». وبعض هؤلاء المنافقين كان يفتضح أمرهم، فيكذبون الناقلين عنهم ويحلفون على ذلك الأيمان الكاذبة.
ولقد وصفهم الله بقوله: