- ٢ - كلام الله، ومعناه عند المتكلمين
حينما تأثرت الحضارة الإسلامية بفلسفة اليونان، وبدأ ظهور علم الكلام مستخدما المنطق والفلسفة في تفسير بعض مسائل العقيدة، ظهرت مشكلة كان لها أثرها العميق في حياة المجتمع الإسلامي، وتلك هي مشكلة خلق القرآن.
إنّ المعتزلة، كما تعلمون، وضعوا مفهوما للوحدانية، قائما على أنّ الله أزلي بذاته، وليس هناك من أزليّ سواه. فصفات الله من علم وقدرة هي عين الذات.
فالله عليم بعلم هو ذاته قدير بقدرة هي ذاته وهكذا. وكان مذهبهم يقضي بأنّ وجود صفات أزلية منفصلة عن الذات يعني أنّ هناك ما هو أزلي إلى جانب الخالق.
ومن هنا جاء قولهم بنظرية خلق القرآن. فالكلام- عندهم- لا يمكن أن يكون صفة أزلية من صفات الله وإلا كان أزليا مع الله. ثم إن القرآن يقرأ بالحناجر، ويكتب على الورق وليس من المستطاع أن يتعلق أزليّ بفان. وتعلمون أن هذه النظرية قد راقت الخليفة المأمون الذي كان يميل إلى الاعتزال فحاول فرضها على الناس بالقوة. وممن رفض القول بها أحمد بن حنبل، ولقي من جراء ذلك محنته المشهورة. وكان نفي الصفات هذا على النقيض مما كان يعتقده أهل السنة.
فالشهرستاني قد ذكر أنّ كثيرا من السلف قد أثبت لله تعالى صفات أزلية من العلم والقدرة والإرادة والسمع والبصر وغيرها.