إن الآية لا تدل على حرمة شيء من ذلك، يقصد أقوال العلماء في حكم أكل لحوم الخيل والبغال والحمير.
ثم أبدى رأيه الذي اختاره، والصواب من القول في ذلك عندنا ما قاله أهل القول الثاني- أي أنّ الآية لا تدل على الحرمة- وذلك انه لو كان في قوله تعالى:
لِتَرْكَبُوها دلالة على أنها لا تصلح إذا كانت للركوب للأكل، لكان في قوله فِيها دِفْءٌ وَمَنافِعُ وَمِنْها تَأْكُلُونَ (١) دلالة على أنها لا تصلح إذا كانت للأكل والدفء للركوب. وفي اجماع الجميع على أن ركوب ما قال تعالى وَمِنْها تَأْكُلُونَ جائز حلال غير حرام، دليل واضح على أن أكل ما قال لِتَرْكَبُوها جائز حلال غير حرام، الا بما نصّ على تحريمه، أو
وضع على تحريمه دلالة من كتاب أو وحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأما بهذه الآية فلا يحرم أكل شيء. وقد وضع الدلالة على تحريم لحوم الحمر الأهلية بوحيه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى البغال بما قد بيّنا في كتابنا كتاب الأطعمة بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع، إذ لم يكن هذا الموضع من مواضع البيان عن تحريم ذلك. وإنما ذكرنا ما ذكرنا ليدل على أن لا وجه لقول من استدل بهذه الآية على تحريم لحم الفرس». (٢)

(١) سورة النحل ٥
(٢) تفسير ابن جرير ج ١٤


الصفحة التالية
Icon