المجرد عن كل شيء بأن الفخر الرازي فسر سورة البيّنة، أي وصل إليها في تفسيره.
(هـ) عند تفسيره لقول الله تعالى:
جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١).
وردت عبارة تقول: «المسألة الأولى أصولية، ذكرها الإمام فخر الدين رحمه الله في مواضع كثيرة، ونحن نذكر بعضها.. » (٢). وهي تدلّ من حيث ظاهرها أيضا بأن الرازي لم يكمل تفسيره، ولم يصل به إلى هذه السورة.
ولعل الإمام الرازي- وهو مجرد رأي- كتب تفسيره المشهور إلى سورة الأنبياء ثم شرح في تكملته شهاب الدين الدمشقي ولكنه لم يتمه، فأكمل ما بقي منه نجم الدين القمولي. أو لعل الامام الرازي قد كتب تفسيرا مستقلا لسورة البيّنة، أو للآية المذكورة وحدها، وعموما، فإن القارئ لتفسيره، لا يستطيع أن يميّز بين أصل وتكملة، ولا يتمكن من الوقوف على حقيقة المقدار الذي كتبه الرازي، أو المقدار الذي كتبه صاحب التكملة، إذ ليس فيه تفاوت في المسلك أو المنهج، بل جري على نمط واحد من أول الكتاب إلى آخره، وبطريقة واحدة.
والذي يعنينا قوله، إن تفسير الرازي، يمتاز عن غيره من كتب التفسير، بالفيض الواسع حين البحث، وفي نواح متعددة من العلم، مما جعله ذا شهرة واسعة بين العلماء، «فقد جمع فيه كل غريب وغريبة (٣). فهو كتاب شبيه بالموسوعات العلمية في علم الكلام، وفي علوم الكون والطبيعة، وتلك ناحية غلبت عليه، حتى كادت تقلل من أهمية الكتاب كتفسير للقرآن الكريم فقالوا فيه «إن الامام فخر الدين الرازي ملأ تفسيره بأقوال الحكماء والفلاسفة، وخرج من شيء إلى شيء، حتى يقضي الناظر العجب» (٤).

(١) سورة الواقعة ٢٤.
(٢) مفاتيح الغيب ج ٨.
(٣) وفيات الأعيان ج ٢
(٤) كشف الظنون ج ١


الصفحة التالية
Icon