يبالغ في السخرية والاستهزاء بهم، ويحقرهم ويرميهم بالأوصاف المقذعة، وأحيانا يسميهم القدرية، تلك التسمية التي أطلقها أهل السنة على منكري القدر، فرماهم بها الزمخشري لأنهم يؤمنون بالقدر، حتى أنه جعل حديث رسول الله صلى عليه وسلم الذي حكم فيه على القدرية بأنهم مجوس هذه الأمة، منصبا عليهم.
يقول في تفسير قول الله تعالى قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها، وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها (١) «وأما قول من زعم أنّ الضمير في زكى ودسّ لله تعالى، وأن تأنيث الراجع إلى من، لأنه في معنى النفس، فمن تعكيس القدرية الذين يوركون (٢) على الله قدرا هو بريء منه ومتعال عنه، ويحيون لياليهم في تمحل الفاحشة ينسبونها إليه» (٣).
ويقول في تفسير قول الله تعالى وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى فَأَخَذَتْهُمْ صاعِقَةُ الْعَذابِ الْهُونِ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (٤).
ولو لم يكن في القرآن حجة على القدرية الذين هم مجوس هذه الأمة بشهادة نبيّها صلى الله عليه وسلم- وكفى به شاهدا- إلا هذه الآية لكفى بها حجة» (٥).
فالزمخشريّ أراد أهل السنّة حين اعتبر الآية حجّة على القدرية الذين هم مجوس هذه الأمة، وهي تسمية المعتزلة لهم بذلك لقولهم: جميع الحوادث- خيرا
(٢) ورك فلان ذنبه على غيره، إذا قرفه به، أي اتهمه. ومراده بالقدرية.. أهل السنة.
(٣) الكشاف ج ٢
(٤) سورة فصلت ١٧
(٥) الكشاف ج ٢