وقال سبحانه:
لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (آل عمران: ١٦٤) فالتدرج في تعليم المجتمع كان من النتائج التي تحققت بنزول القرآن منجما.
أما الجانب الاجتماعى للرسالة المحمدية فقد تمثل على أوضح صورة في نزول آيات الأحكام، تلك التي وضعت الأسس لتنظيم العلاقات بين الأفراد وإرساء قواعد المجتمع الصالح. وقد قضت الإرادة الإلهية أن يتم هذا الإصلاح الاجتماعي بصورة تدريجية.
لقد تطورت الشريعة بهذا المجتمع فسنّت له الأحكام المختلفة. وكان كل حكم ينظم جانبا من حياة المجتمع، أو يحرّم بعض الرذائل التي كانت شائعة فيه.
لم يكن من الممكن أن ينقلب مجتمع فاسد بين عشية وضحاها إلى مجتمع صالح.
وقد تجلى هذا التدرج في تتابع نزول الأحكام من ناحية، وفي نسخ بعض الأحكام التي كانت قد نزلت مجاراة لصالح المجتمع الإسلامي. وهناك من الرذائل الاجتماعية ما قضى الإسلام بتحريمه بغير تدرج في هذا التحريم مثل تحريم الزنا. وهناك أمور حرّمت بالتدريج مثل الخمر. ومهما يكن الأمر، فإن شريعة الإسلام أخذت بيد المجتمع تنقله من مرحلة الى مرحلة حتى أرست له قانونا سماويا لا يضل من اتبعه.