فهي مدنية. لكنّ هناك استثناء لذلك، كما قدمنا. والواقع أن الغالب في لكي مخاطبة أهل مكة بيا أيها الناس والغالب في المدني مخاطبة أهل المدنية بيا أيها الذين آمنوا. لكن الأمر لا يمثل قاعدة مطردة.
رابعا: السور ذات الآيات القصار المفصلة مكية. والمفصّل من القرآن هو السور ذات الآيات القصار التي تكثر الفواصل بين آياتها. (وقد فسر البعض الفصل من القرآن بأنه ما خلا من النسخ، فقوله قول فصل). لكن هذه القاعدة أيضا لا تطرد، فقد نزل بالمدينة بعض السور من النوع المفصّل، ومثال ذلك سورة النصر وهي من أواخر ما نزل.
أما الضوابط الموضوعية فيكن إجمالها فيما يلي:
أولا: كل سورة فيها قصص الأنبياء والأمم السابقة فهي مكية، ويستثنى من ذلك سورة البقرة.
ثانيا: السور التي تحكي قصة آدم وإبليس مكية، سوى سورة البقرة.
ثالثا: السور التي تتضمن ذكر الحدود والفرائض مدنية.
رابعا: كل سورة أمرت بالجهاد أو أذنت به وتحدثت عن أحكامه فهي مدنية.
خامسا: كل سورة ذكرت المنافقين فهي مدنية. وقد ورد ذكر المنافقين في سورة العنكبوت، وهي مكية، لكن الآيات التي تذكر المنافقين في هذه السورة آيات مدنية. وكان طبيعيا أن يذكر المنافقون في الآيات المدنية لأنهم كانوا يمثلون مشكلة للمجتمع الإسلامي، حينذاك. لم يكن النفاق من الظواهر المألوفة في فترة الدعوة بمكة، لأن المسلمين كانوا قلة، وكانوا ضعفاء بالقياس الى المشركين، فلم يكن مشركو مكة ينافقون المؤمنين، لكنّ الأوضاع تغيرت في المدينة، فقد كان المسلمون هناك قوة غالبة، ومن هنا لم يجرؤ كثير من الكفار على معارضتهم معارضة صريحة، فلجئوا إلى النفاق.