مثل «خصوص السبب» عند من يرى ذلك، ويعني هذا الاصطلاح تخصيص الحكم بناء على خصوص السبب. ومنها أن اللفظ قد يكون عاما ويقوم الدليل على تخصيصه، وإذ ذاك يلزم التخصيص.
وقد ذهب الواحدي- وهو على حق في ذلك- إلى أنه لا يمكن معرفة تفسير الآية بدون الوقوف على قصتها وبيان نزولها. كما قال ابن دقيق العيد:
«بيان سبب النزول طريق قوي في فهم معاني القرآن». وقال ابن تيمية:
«معرفة سبب النزول يعين على فهم الآية، فإن العلم بالسبب يورث العلم بالمسبب (١)». وقال أبو الفتح القشيري: «بيان سبب النزول طريق قوي في فهم معاني الكتاب العزيز (٢)».
فقد علمت إذن أن سبب النزول يعين على فهم الآيات التي نزلت في مناسبات مختلفة لأسباب معينة جرت إبان حياة الرسول الكريم. والأقوال التي نقلناها هنا عن علمائنا القدامى لا تحتاج إلى بيان.
أمثلة توضح أهمية العلم بأسباب النزول:
١) حكي عن عثمان بن مظعون وعمرو بن معديكرب أنهما كانا يقولان:
الخمر مباحة، ويحتجان بقوله تعالى:
لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا إِذا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ (المائدة: ٩٣) والواقع أنهما لو عرفا سبب نزول هذه الآية لما قالا ذلك. فسبب نزولها أن

(١) السيوطي: الاتقان، ج ١، ص ٢٨.
(٢) الزركشي: البرهان، ج ١، ص ٢٢.


الصفحة التالية
Icon