وهكذا قضى عثمان على مصدر للفتنة والخلاف بين المسلمين، وكان عمله هذا من أعظم ما أقدم عليه في زمن خلافته.
ومع ذلك فقد حفظ التاريخ ذكرى لهذا الخلاف الذي قضى عليه عثمان.
فقد ذكر ابن النديم أسماء كتب عدة في اختلاف المصاحف وهي كتاب اختلاف مصاحف أهل المدينة وأهل الكوفة وأهل البصرة عن الكسائي، وكتاب اختلاف المصاحف لخلف، وكتاب اختلاف أهل الكوفة والبصرة والشام في المصاحف للفراء، وكتاب اختلاف المصاحف لأبي داود السجستاني، وكتاب اختلاف المصاحف وجميع القراءات للمدائني، وكتاب اختلاف مصاحف الشام والحجاز والعراق لابن عامر اليحصبي، وكتاب محمد بن عبد الرحمن الأصفهاني في اختلاف المصاحف. (١). ولعل التمسك بإحياء هذا التراث عند كثير من هؤلاء العلماء كان لحرصهم على دراسة اللغة العربية في مختلف لهجاتها القبلية.
وقد وصل إلينا أحد هذه الكتب، وهو كتاب المصاحف لابن أبي داود السجستاني المتوفي سنة ٣١٦ هـ.
وكتب المصاحف التي ذكرها ابن النديم يتراوح ظهورها بين القرنين الثاني والرابع الهجريين.
وقد سبقها جميعا ظهور كتاب ابن عامر المتوفي عام ١١٨ هـ عن اختلاف مصاحف الشام والحجاز والعراق.
وإن ما جمعه السجستاني في كتابه المصاحف من أوجه الخلاف بين مصاحف بعض الصحابة والمصحف الإمام لا يعدو أن يكون خلافا في بعض القراءات، كما أن بعض هذه المصاحف التي قامت على جهود أفراد، كانت تضم إلى جانب

(١) الفهرست، ص ٣٩.


الصفحة التالية
Icon