النزول، لكنه لا خلاف على أن ترتيب الآيات على هذا النحو الذي نراه توقيفي، أمر به الرسول بوحي من ربه.
يقول أبو بكر الباقلاني في كتابه الانتصار: «الذي نذهب إليه أن جميع القرآن الذي أنزله الله وأمر بإثبات رسمه ولم ينسخه ولا رفع تلاوته بعد نزوله هو الذي بين الدفتين الذي حواه مصحف عثمان، وأنه لم ينقص منه شيء ولا زيد فيه، وأن ترتيبه ونظمه ثابت على ما نظمه الله تعالى ورتبه عليه رسوله من آي السور، لم يقدم من ذلك مؤخر، ولم يؤخر منه مقدم، وأن الأمة ضبطت عن النبي ﷺ ترتيب آي كل سورة ومواضعها، وعرفت مواقعها، كما ضبطت عنه نفس القراءات وذات التلاوة (١)».
فالاجماع تام على أن ترتيب الآيات توقيفي، وقد حصل بذلك اليقين من النقل المتواتر، بهذا الترتيب، من تلاوة رسول الله ومما أجمع الصحابة على وضعه هكذا في المصحف (٢). أما ترتيب السور، فقد ذهب جمهور العلماء إلى أنه كان باجتهاد الصحابة. ومن أدلة ذلك اختلاف مصاحف السلف في ترتيب سور القرآن، «فمنهم من رتبها على النزول وهو مصحف علي، كان أوله اقرأ ثم المدثر ثم نون ثم المزمل ثم تبّت ثم التكوير وهكذا إلى آخر المكي والمدني.
وكان أول مصحف ابن مسعود البقرة ثم النساء ثم آل عمران، على اختلاف شديد، وكذا مصحف أبيّ وغيره (٣)».
وقد ذكر ابن النديم في كتابه الفهرست ترتيب سور القرآن في مصحف عبد الله بن مسعود، كما ذكر ترتيب السور في مصحف أبيّ (٤). أما ترتيب مصحف علي فقد سقط من نص هذا الكتاب، لكن هذا الترتيب قد ورد في
(٢) المصدر السابق، ص ٦٢.
(٣) المصدر السابق، ص ٦٢.
(٤) الفهرست، ص ٢٩، ٣٠،.