الموازنات، وتقريب المعاني ضمن إطار علمي سديد، ومن أجل تحقيق غرض مفيد، مع التزام ضوابط اللغة ومقاصد الشريعة.
وهذه الرسالة التي أشرفت عليها، ونال بها من جامعة القرآن الكريم بالسودان الأخ الدكتور محمد الحبش درجة الدكتوراة بامتياز، أسهمت إسهاما طيبا وبارزا في إغناء الدراسات القرآنية، ولا سيما ما تفردت به من تحقيق وتدقيق في مقدماتها، ومن بيان أثر القراءات المتواترة في الأحكام الشرعية، العقدية والفقهية، بل وفي نطاق الجوانب الأربعة التي وفّاها بحثا الأخ الحبش: وهي الرسم القرآني، واللغة العربية، والأحكام الاعتقادية والفقهية، التي تم إحصاؤها إحصاء دقيقا، مع بيان منشئها من دلالة القراءة المعتمدة للآية القرآنية، في حالات محصورة.
وسبب النجاح البارز في هذه الرسالة: هو ما قدمته من توافر الأوصاف الثلاثة التي ذكرتها للعلم الصحيح، فالدكتور محمد توصل إلى فتح علمي واضح المعالم فيما تعرض له، وانضم إليه الفتوح الإلهي على بصيرته وقلبه بسبب إخلاصه في رفع راية كتاب الله تعالى، وتوّج الفتح والفتوح بتحصيله المكتمل من دراسة الشريعة والآداب في رحاب جامعة دمشق، وازداد شرفا ومعرفة بحفظه لكتاب الله عز وجل، وإتقانه القراءات ترتيلا، وإجادة، وتجويدا، وجمعا وتصنيفا، فحاز بذلك الفضل والتفوق، وأدت رسالته ما يصبو إليه كل مسلم غير متخصص أو بعيد الصلة عن قراءات القرآن الكريم، القراءات العشر المتواترة، وأفادت المتخصص أيضا بهذا التصنيف والجمع المفيد.
وإني لأترقب للأخ الدكتور محمد الحبش مستقبلا زاهيا إذا تابع نشاطه العلمي، وثابر على اكتناه مدلولات كتاب الله سبحانه، ليستفيد منه إخوانه ومحبّوه، فهو ذكي ألمعي، ومتحدث جيد.
ولا أنسى أن ما توّج به هذا الكتاب من تقديم فضيلة العلامة أستاذنا الجليل الشيخ محمد صادق حبنكة، يعدّ تزكية كافية، تعلو كل ما سواها، وفضيلته يتميز بالحسّ المرهف، والأدب العالي والتواضع الجم، ودقة العلم، والإخلاص لدين الله وشرعه تعليما وتدريسا، وممارسة، وتوجيها، فإن أثنى علي، فأنا تلميذه وثمرته، أحسن بي الظن، فجزاه الله عني وعن الأمة الإسلامية خير الجزاء بما علّم وأرشد، ووجّه وأفاد، والله يتولى الصالحين.
أ. د: وهبة الزحيلي رئيس قسم الفقه الإسلامي ومذاهبه بجامعة دمشق- كلية الشريعة


الصفحة التالية
Icon