وأضاف أبو زرعة إلى حجج من روى بالقصر حججا أخرى تدل أنه كان يرى هذا الرأي إذ لم ينسبها لقائل بعينه فقال:
«وحجة أخرى وهي أن وصفه بالملك أبلغ في المدح من وصفه بالملك، وبه وصف نفسه سبحانه؛ فقال: لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ فامتدح بملك ذلك، وانفراده به يومئذ، فمدحه بما امتدح نفسه به حق وأولى من غيره، والملك إنما هو من ملك لا من مالك، لأنه لو كان منه لقال:
(الملك اليوم؟) بكسر الميم (١).
وقال ابن الجوزي: وقراءة ملك أظهر في المدح؛ لأن كل ملك مالك، وليس كل مالك ملكا (٢).
ثم أورد حجة من قرأ بالمدّ فنقل عنهم قولهم: «إن مالكا يحوي الملك ويشتمل عليه ويصير الملك مملوكا لقوله جلّ وعزّ: قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ [آل عمران: ٣/ ٢٦]، فقد جعل الملك للمالك، فصار مالك أمدح»
(٣).
واستدلّ كذلك بأن شاعرا جاء إلى النّبي صلّى الله عليه وسلّم يشكو امرأته فقال: «يا مالك الملك، وديّان العرب»، فقال النّبي صلّى الله عليه وسلّم: «مه! ذلك الله» (٤).
ويستدلّ كذلك من قرأ بالمدّ، بأن قراءة المدّ فيها زيادة حرف، وزيادة المبنى تدلّ على زيادة المعنى غالبا، كذلك فإنها تفيد في زيادة الحسنات، إذ تعهد الله عزّ وجلّ لقارئ القرآن لكل حرف بعشر حسنات، وهذه الآية العظيمة في سورة الفاتحة، وهي مما يتكرر في كل ركعة، وفي أحوال كثيرة، فتكون زيادة هذه الألف، وقد ثبتت بالتواتر أرجى في تحصيل الحسنات (٥).
ونشير إلى أن لفظة (مالك) هنا رويت في المتواتر بوجهين اثنين كما أسلفنا، ولكنها

(١) المصدر نفسه ص ٧٧.
(٢) زاد المسير في علم التفسير ١/ ١٣.
(٣) حجة القراءات ص ٧٧.
(٤) المصدر نفسه، وكذلك فقد أخرج الحديث أحمد بن حنبل في مسنده ٢/ ٢٠١ بصيغة:
يا مالك الناس وديّان العرب إني لقيت ذربة من الذّرب
وفي إسناده معن بن ثعلبة المازني، وصدقة بن طيلسة، وكلاهما مجهول.
(٥) يدلّ له حديث: «من قرأ القرآن كتب الله له بكل حرف عشر حسنات»، وهو حديث أخرجه الديلمي عن أنس.


الصفحة التالية
Icon