وقد اجتمع الحقيقة والمجاز في قوله تعالى: وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ [الصّافّات: ٣٧/ ٩٦].
فنسب العمل إليهم بقوله: تعملون، ولكنه أخبر أنه سبحانه خلقهم وخلق أعمالهم.
والتّقدير: والله خلقكم، وخلق أعمالكم، وهذا مذهب أهل السّنة أن الأفعال خلق لله عزّ وجلّ، واكتساب للعباد، وفي هذا إبطال مذهب القدرية والجبرية (١).
وفي الجوهرة (٢):

فخالق لعبده وما عمل موفّق لمن أراد أن يصل
وخاذل لمن أراد بعده ومنجز لمن أراد وعده
وقد نهج بعض من انتصر لقراءة الجمهور بأن الألف هنا ليست للمفاعلة، بل الوعد من الله لا غير، نظير ما تقول: (طارقت نعلي وسافرت)، والفعل من واحد على ما تكلمت به العرب (٣)، كذلك تقول: خاطبت القوم، فتورد الألف هنا، ولا تريد بها المفاعلة، إذ المخاطبة منك وحدك، ومنهم الاستماع ليس إلا.
(١) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي، ١٥/ ٩٦.
(٢) جوهرة التوحيد للّقاني بيت رقم (٤٥).
(٣) حجة القراءات لأبي زرعة، ٩٦.


الصفحة التالية
Icon