المسألة الثامنة:
- قوله تعالى: ما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً [الكهف: ١٨/ ٢٦].
قرأ ابن عامر: (ولا تشرك في حكمه أحدا) بالتاء والجزم على النهي.
أي: لا تنسبن أحدا إلى علم الغيب. فالخطاب لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، والمراد غيره.
ويقوي التاء ما بعده، وهو قوله: وَاتْلُ ما أُوحِيَ [الكهف: ١٨/ ٢٧].
قال الفرّاء: (وهو وجه غير مدفوع) كما قال: وَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ [القصص: ٢٨/ ٨٨].
وقرأ الباقون: وَلا يُشْرِكُ بالياء، وضم الكاف على الخبر.
المعنى: ولا يشرك الله في حكمه أحدا.
قال الزجاج: قد جرى ذكر علمه وقدرته، فأعلم جلّ وعزّ أنه لا يشرك في حكمه- مما يخبر به من الغيب- أحدا، كما قال جلّ وعزّ: عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً [الجنّ: ٧٢/ ٢٦].
وكان السّدي يقول: وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً أي لا يشاور في أمره وقضائه أحدا (١).
وثمرة الخلاف:
أن قراءة ابن عامر على سبيل الأمر، وقراءة الجمهور على سبيل الخبر، فكأنه سبحانه أخبر أن ماله من شريك، ثم نهى النّبي صلّى الله عليه وسلّم، والمسلمين من بعده أن يشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا.
وكلا المعنيين له نظائر كثيرة في القرآن الكريم، ولكن لا سبيل لدرك المعنيين في هذا المقام إلا من خلال القراءتين المتواترتين.

(١) حجة القراءات ٤١٤. وانظر سراج القاري ٢٧٨. وعبارة الشاطبي:
... /... /... وتشرك خطاب وهو بالجزم كملا ولم يأت ابن الجزري على ذكر خلاف الثلاثة في هذا الوجه، فتعيّن أنهم وافقوا الجمهور.


الصفحة التالية
Icon