المسألة الحادية عشرة:
قوله تعالى: إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا [مريم: ١٩/ ١٩].
قرأ قالون بخلف عنه، وورش، وأبو عمرو، ويعقوب: (ليهب لك غلاما زكيّا) بالياء، وقرأ الباقون: لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا بالهمزة (١).
وقد أخبر الآلوسي أن الزهري، وابن مناذر، واليزيدي، والحسن، وشيبة قرءوها بالياء أيضا (٢).
والحاصل أنهما قراءتان متواترتان، جاءت الأولى بالتصريح بالواهب سبحانه بصيغة الغيبة، كما جاءت الثانية بصيغة المتكلم وهو هنا الملك، على أساس أنه يمتثل أمر ربّه، بل وردت في بعض مصاحف السّلف تفسيرا: أمرني أن أهب لك غلاما (٣).
ولا شك أن تواتر القراءة بالياء يستلزم أن تكون قد رسمت في بعض المصاحف العثمانية كذلك، ولكنني لم أجد أحدا أشار إلى هذا المعنى.
ولا مندوحة من ثبوت القراءة المتواترة بالوجهين، وما نقل عن بعضهم من أن الأصل (لأهب) ولكن أبدلت الهمزة ياء تعسف لا مبرر له؛ إذ ليست كذلك مذاهب الأربعة (٤) في الهمزات.
وعبارة طيبة النشر:
همز أهب باليا به خلف جلا... حما.........
ولم يأت الشاطبي على ذكر هذه القراءة لاقتصاره على السبع.
(٢) الألوسي، روح المعاني ١٦/ ٧٧.
(٣) الكشاف للزمخشري ٢/ ٥٠٥، وبحر العلوم للسمرقندي ٦/ ١٨٠، وانظر الآلوسي ١٦/ ٧٧.
(٤) أي الأربعة الذين قرءوا بالياء وهم قالون وورش وأبو عمرو ويعقوب.