وهكذا فإن توفير هذه النسخ بين أيدي الباحثين يخفف عنهم عناء كبيرا في تحقيق النصوص، ويساعدهم على تصور الكتبة الأولى، وما نشأ عليها من خدمات، وهذا بلا شك تقدّم كبير، نتجاوز به الدور التّراثي والجمالي المحدود، التي تقدمه مصاحف القاهرة، واسطنبول، وطشقند؛ إن صحت نسبتها إلى العهد العثماني.
ولا نحتاج بعدئذ إلا إلى إضافة ملحق من صفحة واحدة، يتضمن المواضع التسعة والأربعين التي اختلفت فيها مصاحف الأمصار، كما تحقق ذلك في هذه الدراسة، ونكون حينئذ قد وفّرنا بين أيدي الباحثين الوثائق الأمّ التي لا غنى لباحث عنها، والتي تقطع بكل توكيد ذلك الجدل المستمر حول موافقة أو مخالفة الرسم لا تجاه معين في الأداء.
ولن يكون لهذا العمل فائدة حقيقية إلا إذا صدر عن جهة مرجعية مختصة بخدمة القرآن الكريم، ولست أرى هذه الخصائص تتوفر في جهة إسلامية كتوفّرها في جامعة القرآن الكريم والعلوم الإسلامية التي أتشرف برفع هذه المذكرة إليها.
رابعا- مشروع إحياء الرّوم في النّطق العربي:
الرّوم: هو الإتيان ببعض الحركة عند الوقوف للدلالة عليها، والقاعدة العامة لا تكون إلا فيما حقّه الضّم أو الخفض إذا وقفت عليه بالسكون.
فتروم في مثل نستعين- المجيد. ولا تروم في مثل: المستقيم. ولا وجه للرّوم في الساكن سكونا أصليّا كما في: قم فأنذر.
وقد نصّ في الشاطبية على أن الرّوم مذهب أبي عمرو وعاصم وحمزة والكسائي، ولكن المختار أنه مذهب عام لجميع القرّاء على سبيل التّخيير (١).
والواقع أن هذا اللون من الأداء مهجور تماما في صنيع القرّاء والنّحاة اليوم، ولست أدري لذلك سببا بعينه، غاية الأمر أنهم اكتفوا بعبارة: العرب لا تقف على متحرّك، فألزموا الوقف
وحاذر الوقف بكل الحركة | إلا إذا رمت فبعض الحركة |
إلا بفتح أو بنصب وأشم | إشارة بالضم في رفع وضم |