ومثل ذلك في الكافي أيضا عن الإمام محمد الباقر قوله:
«ما ادّعى أحد من الناس أنه جمع القرآن كله كما أنزل إلا كذاب، وما جمعه وحفظه كما أنزل إلا علي بن أبي طالب والأئمة بعده» (١).
وقد أدى ورود مثل هذه الروايات عن القوم إلى فتح باب الطعن في عقائد الشيعة، وذهب بعض المتشددين من أهل السّنة إلى الحكم بكفر القوم وفساد عقائدهم (٢).
والحق أن من يعتقد تحريف القرآن الكريم كافر بالإجماع، مخالف لهذه الأمة، ولكن ينبغي أن لا نتعجل على الناس حتى نتبين حقيقة ما يعتقدون، فليس مجرد وجود الرواية في كتبهم دليلا على أنها لهم اعتقاد، وكذلك فإنه ينبغي أن نتبين مذهبهم في تأويل ما يروون.
والمحققون من الشيعة لا يعتقدون صحة سائر ما في الكافي للكليني، ولم ينزلوه عندهم منزلة صحيح البخاري عندنا- كما يعتقد عامة الناس- بل إنهم يذكرون أن فيه ضعيفا ومرسلا كثيرا، وأن الشيخ المتقي الكليني صنف كتابه في عشرين سنة، يسند عمن يسمع، فالعهدة على الإسناد، كما صنع الإمام الطبري، إذ أثبت لك أسانيده، وقال هذا إسنادي، ومن أسند فقد أعذر.
وفي دراسة علمية صدرت حديثا لمحقق شيعي هو السيد هاشم الحسيني جزم فيها بقوله: «إن المتقدمين لم يجمعوا على جميع مرويات الكليني جملة وتفصيلا» (٣).
ويقول: «إن أحاديث الكافي التي بلغت ستة عشر ألف حديث ومائة وتسعة وتسعين، يكون الصحيح منها خمسة آلاف واثنين وسبعين حديثا، والحسن مائة وأربعة وأربعين حديثا، والموثق ألفا ومائة وثمانية وعشرين حديثا، والقوي ثلاث مائة وحديثين، والضعيف تسعة آلاف وأربع مائة وثمانين حديثا» (٤).
(٢) انظر على سبيل المثال: الخطوط العريضة للأصول التي قام عليها دين الشيعة الإمامية لمحب الدين الخطيب، ط المكتب الإسلامي ١٣٩١ هـ.
وكذلك كتاب الشيعة والقرآن لإحسان إلهي ظهير ص ٩٢ و ١٣٣.
(٣) دراسات في الحديث والمحدثين للسيد هاشم معروف الحسيني ص ١٣٢ - ١٣٤.
(٤) المصدر نفسه ص ١٣٧.