لا ضابط يضبطه (١)، ولا يوجد موجب شرعي لجمعه وإحصائه، ولكن جمعه وإحصاءه مفيد لجهة معرفة آراء السلف في اللغة والفقه والتفسير.
وينبغي أن نشير إلى أن غالب هذه القراءات الشاذة؛ إنما هو تلك الملاحظات التي كان يدوّنها أصحاب المصاحف الخاصة على مصاحفهم، كما في مصحف أبي بن كعب، ومصحف علي بن أبي طالب، ومصحف أم سلمة، وعبد الله بن الزبير، وابن مسعود، والحسن البصري، على سبيل التفسير والإيضاح، فيتناقلها الناس من بعده على أنها من القرآن الكريم.
وهذا السبب بعينه هو الذي دفع الخليفة الراشدي عثمان بن عفان أن يقوم بتحريق المصاحف الخاصة بالصحابة؛ خشية هذا المحذور الذي وقع بالفعل، ولكن بعد أن سلّم المصحف الإمام، الذي وفّر للأمة بيانا صريحا يتميّز به الصحيح من الدّخيل.
وإلى هنا، نكون قد رسمنا صورة واضحة لبزوغ فن القراءات، ومستنده الشرعي، ومنزلته في الاستدلال، وبيان ضوابط المقبول والمردود من القراءات، وأما تفصيل الألفاظ المقبولة والمردودة في القراءات، فهذا بحث دقيق، وقد وفقني الله لإصداره في كتاب خاص أسميته (الشامل في القراءات) نشرته دار الكلم الطيب بدمشق. ولنتحول الآن إلى الحديث عن أثر اختلاف القراءات في الرسم والأحكام.
روى عنه: أبو عمرو بن العلاء، وسلام الطويل، ويونس بن عبيد، وعيسى بن عمر النحوي. أشهر رواته: شجاع بن أبي نصر البلخي والدوري.
(١) أقول: ظهر عام (١٤١١ هـ ١٩٩١ م) معجم القراءات القرآنية في تسع مجلدات، وقد قام مؤلفا هذا المعجم النفيس بضبط كل ما تناثر في الكتب حول وجوه القراءة التي قرئت بها كلمات القرآن من متواتر وآحاد وشاذ، ولا شك أن هذا العمل النفيس خدم المكتبة العربية خدمة جليلة.
قام بتأليف هذا السفر كل من الدكتور أحمد مختار عمر، الأستاذ بقسم اللغة العربية وآدابها بجامعة الكويت، والدكتور عبد العال سالم مكرم، الأستاذ بقسم اللغة العربية وآدابها بجامعة الكويت، وقد قامت بنشر الكتاب منظمة (انتشارات أسوة) في طهران.