والجواب هو أنهم لم يطرحوا أيّا من القراءتين؛ إذ هم لم يعتبروا الشكل تنزيلا وإنما اعتبروه تعليما، فكانت المصاحف تختلف شكلا بحسب القراءة المتواترة التي ينهج عليها صاحب المصحف، ولا شك هنا أنه كان في العالم الإسلامي بدءا من عصر أبي الأسود الدؤلي، حتى زماننا هذا مصاحف مختلفة بالشكل- حركات الإعراب والصّرف- بحسب ما يؤدي إليه مقصد التواتر إسنادا، فثمة مصحف مرسوم بما يوافق قراءة أبي عمرو، وآخر مرسوم بما يوافق قراءة نافع وهكذا.
غاية الأمر أن هذه المصاحف متّفقة في أصل الرسم العثماني قبل الشكل مع حفظ الاستثناء الذي أشرنا إليه مرارا في المواضع التسعة والأربعين التي نهجت عليها المصاحف العثمانية الأصل.
المبحث الثاني نماذج من وجوه القراءات المتواترة التي غابت عن الرسم بسبب شكل القرآن
م/ السورة والآية/ الرسم قبل الشكل/ رسم المصحف الشائع (١) / الوجوه الغائبة من المتواتر ١ - / البقرة: ٢/ ٢٨/ ترجعون/ ترجعون/ ترجعون: يعقوب.
٢ - / البقرة: ٢/ ٣٨/ فلا خوف عليهم/ فلا خوف عليهم/ فلا خوف عليهم: يعقوب.
٣ - / الأعراف: ٧/ ١٤٦/ سبيل الرسد/ سبيل الرّشد/ سبيل الرّشد: قراءة حمزة، والكسائي.
٤ - / الأعراف: ٧/ ١٤٨/ حليهم/ حليّهم/ حليهم: يعقوب.
حليّهم: حمزة، والكسائي.
٥ - / آل عمران: ٣/ ٢٧/ الميت/ الميّت/ الميت: ابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، وشعبة.
٦ - / النّساء: ٤/ ٥٨/ بامركم/ يأمركم/ يأمركم: أبو عمرو بخلف عن الدوري.
يامركم: ورش، والسوسي، وأبو جعفر.

(١) نقصد هنا بالمصحف الشائع المصحف الموافق لرواية حفص عن عاصم؛ إذ هو السائد اليوم في أغلب بلدان العالم الإسلامي، وقد غلب شيوعه في العالم الإسلامي منذ أن بدأت طباعته في تركيا ومصر؛ إذ كانت هي القراءة الشائعة في مصر وتركيا.
ويجب التّنبيه أنني أنصّ على من قرأ خلاف المصحف الشائع، فتعين أن من لم يذكر في المنفردين قرأ وفق المصحف الشائع.


الصفحة التالية
Icon