ويقول أيضا: «ولا يجوز أن تكون في «معاني الكلم المفردة» التي هي لها بوضع اللغة، لأنه يؤدي إلى أن يكون قد تجدّد في معنى «الحمد» و «الرب» ومعنى «العالمين» و «الملك» و «اليوم» و «الدين» وهكذا، وصف لم يكن قبل نزول القرآن.
وهذا ما لو كان هاهنا شيء أبعد من المحال وأشنع لكان إيّاه» (١).
٢ - وكذلك لا يمكن أن يكون هذا الوصف- المعجز- في «ترتيب الحركات والسكنات» في الجمل والآيات القرآنية «حتى كأنهم تحدّوا إلى أن يأتوا بكلام تكون كلماته على تواليه في زنة كلمات القرآن» (٢) كما يقول عبد القاهر! لأن مسيلمة وغيره قد تعاطوه في بعض حماقاتهم التي عارضوا فيها القرآن، فلم ينتهوا إلى شيء.. سوى الدلالة على إعجاز القرآن، وسخافة ما جاءوا به!
٣ - أما «المقاطع والفواصل» فليست «أكثر من التعويل على مراعاة الوزن، وإنما الفواصل في الآي كالقوافي في الشعر» قال عبد القاهر: «وقد علمنا اقتدارهم على القوافي كيف هو، فلو لم يكن التحدّي إلا في «فصول» من الكلام يكون لها أواخر أشباه القوافي، لم يعوزهم ذلك، ولم يتعذّر عليهم» (٣) أي أن العرب الذين جاءوا بروائع القصيد، عجزوا عن أن يأتوا بسورة من مثل القرآن، والفواصل هنا، كالقوافي هناك!
٤ - وأخيرا، يستبعد عبد القاهر أن يكون الإعجاز في الاستعارة والمجاز، لأن ذلك يؤدي إلى ن يكون الإعجاز في بعض القرآن دون بعض، والقرآن معجز كله! قال عبد القاهر: «فإذا بطل أن يكون الوصف الذي أعجزهم من القرآن في شيء مما عدّدناه، لم يبق إلا أن يكون في النظم» و «الاستعارة». قال: «ولا يمكن أن تجعل الاستعارة الأصل في الإعجاز وأن يقصر عليها؛ لأن ذلك يؤدي إلى أن يكون الإعجاز في آي معدودة في مواضع من السّور الطوال مخصوصة، وإذا امتنع

(١) دلائل الإعجاز ص ٣٨٦.
(٢) نفس المصدر ص ٣٨٧.
(٣) المصدر السابق، نفس الصفحة.


الصفحة التالية
Icon