النحوي» بمعنى أنه يقرّها ويعنى بها، ويتتبع أثرها- في الإعجاز- بوصفها جزءا من مقتضيات النظم ذاته قال- رحمه الله-:
«فإن قيل: إن النظم يقتضي إخراج ما في القرآن من الاستعارة وضروب المجاز من جملة ما هو به معجز، وذلك لا مساغ له!
قال: ليس الأمر كما ظننت، بل ذلك يقتضي دخول الاستعارة ونظائرها فيما هو به معجز، وذلك لأن هذه المعاني، التي هي الاستعارة والكناية والتمثيل وضروب المجاز من بعدها، من مقتضيات والنظم، وعنه يحدث، وبه يكون، لأنه لا يتصوّر أن يدخل شيء منها في الكلم وهي أفراد لم يتوخّ فيما بينها حكم من أحكام النحو، فلا يتصور أن يكون هاهنا فعل أو اسم قد دخلته الاستعارة من دون أن يكون قد ألّف مع غيره! أفلا ترى أنه إن قدّر في «اشتعل» من قوله تعالى:
وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً [سورة مريم، الآية ٤] ألا يكون «الرأس» فاعلا له، ويكون «شيبا» منصوبا على التمييز، لم يتصوّر أن يكون مستعارا؟ وهكذا السبيل في نظائر الاستعارة فاعرف ذلك» (١).
يقول بعض الأدباء النقّاد (٢):
«فأنت تراه قد قدّر مكان الاستعارة القرآنية وما هو بسبيلها من الصور الأدبية من دلائل الإعجاز، وإن رجع بها في ذكاء قادر إلى قضية النظم النحوي، ولكنه أغفل إغفالا تاما مكانة اللفظ ومكان المقطع والفاصلة، مدعيا أن شيئا من ذلك لا قيمة له ما لم يراع النظام النحوي في تركيبه، وفي ذلك بعض الغلوّ الذي ندفعه بما نملك من رأي، وشاهدنا على ذلك أن عبد القاهر حين تحدث عن الآية الكريمة: وَقِيلَ يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ وَيا سَماءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْماءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٤٤) [سورة هود، الآية ٤٤] جعل مبدأ العظمة في أن
(٢) الأستاذ الدكتور محمد رجب بيومي في كتابه: البيان القرآني.