التصوير والنظم اللغوي أو الموسيقى كان من بعض وجوهه صدى لتيارات أدبية ونقدية مترجمة أو منقولة... ولعلنا نملك أن نقول: إن التراث النقدي والأدبي الذي نملكه الآن، ونملك من خلاله أن نقوم النصوص الأدبية... يفوق ما كان عليه الوليد بن المغيرة وغيره ممن بهرهم القرآن.. فآمن بعضهم.. ولج في العداوة والمكابرة والبغضاء بعضهم الآخر... ولن ينقطع هذا الخيط على كل حال، والتحدّي بالقرآن قائم إلى يوم الدين.
ولكن يبقى علينا أن نضع المسألة في إطارها الصحيح. كما أريد لها أن تكون، ولهذا فلسفته التي سنعرض لها بعد قليل.
(ب) أما مشكلة غير العرب.. فلا أدري هل ينتظر بعض الناس أن ينزل القرآن بكل لغات الأرض! ما كان منها، وما سيكون إلى يوم الدين؟ وهل يتساوق هذا مع طبيعة الأشياء، ومع طبيعة الإيمان الذي أراده الله تعالى من الإنسان؟
أليس في لغات العالم لغة هي مثال اللغات ينزل بها كتاب الله تعالى إلى الإنسان. وشعب هو، من حيث الفطرة والموهبة والاستعداد هو مثال الشعوب ينهض بحمل أعباء هذه الرسالة ويذيعها في العالمين؟ البحث هنا واسع، وقد أشرنا إلى طرف منه في الفصل الأول من فصول هذا الكتاب. ولكن لنقل: يسع العجم ما وسع العرب، كما قال علماؤنا الأوائل. ولنقل: إن بعض وجوه الإعجاز- أي البياني- تلزم حتى غير العرب. ولنقل إن من حق- أو واجب- جميع الناس أن تعمّهم «اللغة المثال» ما دام القرآن الكريم نازلا بلغة واحدة من لغات الأرض...
إلخ، ولقد قلنا أكثر من مرة: إن في وسعنا أن نقيم الدليل لهؤلاء على أن هذا الكتاب الخالد هو كلام الله... من وجوه كثيرة على كل حال.
ولكن علينا أن نبقي الإعجاز الذي وقع به التحدّي في إطاره الصحيح لا نخرج به عنه. ولنذكر في نهاية المطاف ما سبق لنا أن قلناه:
«إن الكلام والبيان هو ما امتاز به الإنسان... فجاءت معجزة محمد صلى الله عليه وسلم


الصفحة التالية
Icon