الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهارَ (٣٢) وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ (٣٣) وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوها إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (٣٤) [سورة إبراهيم، الآية ٣٢ - ٣٤].
«وأمّا آية النحل فسيقت في وصف الله تعالى، وإثبات ألوهيته؛ وتحقيق صفاته؛ فناسب ذكر وصفه سبحانه» (راجع الآيات من أول سورة النحل).
قال: «فتأمل هذه التراكيب، ما أرقاها في درجة البلاغة»! (١).
(ب) التصدير والتوشيح:
وقد تحدث علماء البلاغة عما يكون في الآية مما يشير إلى الفاصلة ويمهد لها.. ويسمون ذلك تصديرا وتوشيحا. أما التصدير فهو أن تكون الكلمة أو «اللفظة» قد تقدمت «مادّتها» في الآية- ويسمّونه-: ردّ العجز على الصّدر- كقوله تعالى: قالَ لَهُمْ مُوسى وَيْلَكُمْ لا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذابٍ وَقَدْ خابَ مَنِ افْتَرى (٦١) [سورة طه، الآية ٦١] ومعنى: يسحتكم: يستأصلكم بالإهلاك.
وكقوله تعالى: فَما كانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (٧٠) [سورة التوبة، الآية ٧٠].
وقوله تعالى: وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزارَهُمْ عَلى ظُهُورِهِمْ أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ (٣١) [سورة الأنعام، الآية ٣١].
وفي ذلك وشبهه ما يدل على التحام الفاصلة بالآية التحاما تاما كما هو واضح: وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (١٠) [سورة الأنعام، الآية ١٠].
ويلاحظ هنا بعض المفسّرين والبلاغيين أن الآية القرآنية تهيّئ في بعض الأحيان لفاصلة بعينها.. ولكن سرعان ما تجد الآية قد ختمت بغيرها.. لا في