الفصل الأول حول نشأة التفسير
نزل القرآن بلغة العرب، وعلى أساليبهم في الكلام، قال الله تعالى: إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٢) [سورة يوسف، الآية ٢].
وقال تعالى: بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (١٩٥) [سورة الشعراء، الآية ١٩٥].
والآيات التي تتحدث عن «لغة» القرآن وتؤكد أنها «عربية» كثيرة. وما يذكره بعض المفسرين من «القسطاس» و «سجيل» وكلمات أخرى من أنها رومية أو حبشية، فالمراد أن لغة العرب وافقت فيها لغة الروم- ولهذا كانوا يقولون في شرح هذه الكلمات: معناها في الفارسية أو الحبشية كذا- أو أن العرب أخذت هذه الكلمات وهضمتها وأجرت عليها قوانينها، فكأنّ الحديث إنما هو عن «أصل» هذه الكلمات- على طريقة جميع اللغات الأخرى- لا عن أنها غير عربية، وأن القرآن فيه ما ليس بعربي؛ قال الطبري: «ما ورد عن ابن عباس وغيره من تفسير ألفاظ من القرآن إنها بالفارسية أو الحبشية أو النبطيّة أو نحو ذلك: إنما اتفق فيه توارد اللغات؛ فتكلّمت بها العرب والفرس والحبشة بلفظ واحد».
والمعلوم أن النبيّ ﷺ كان يتلو عليهم هذه الآيات، فلو كان فيه لغة غريبة لردوا عليه! والذي يؤكد أن هذه الكلمات كانت العرب قد أخذتها في الجاهلية فعرّبتها أنّ لأكثرها تصرفا واشتقاقا، على القانون العربي.