هذا وقد جرى استعمال الطبري وأكثر المتقدمين «للتأويل» على أنه مرادف للتفسير، وقد جرت عادة الطبري في تفسيره باستعمال عبارة: (القول في تأويل قوله تعالى
كذا... ) وعبارة: (واختلف أهل التأويل في هذه الآية) وإنما يعني بذلك التفسير كما هو معلوم.
أما التأويل في الاصطلاح فهو: «إخراج دلالة اللفظ من الدلالة الحقيقية إلى الدلالة المجازية من غير أن يخل ذلك بعادة لسان العرب من التجوز، من تسمية الشيء بشبيهه أو بسببه أو لاحقه أو مقاربه... أو غير ذلك من الأشياء التي تعورفت في أصناف الكلام المجازي» (١) ويقرب من هذا التعريف الذي ذكره ابن رشد ما عقّب به الغزالي على تعريفه هو للتأويل حين قال: «ويشبه أن يكون كل تأويل صرفا للّفظ عن الحقيقة إلى المجاز».
وكأن الحاجة إلى التأويل تظهر بعد «تفسير» الألفاظ الواردة من النص لمعرفة ما يدل عليه ظاهره، فيحمل دليل ما- عقلي أو نقلي أو عرفي- على أن المراد بالكلام غير ظاهره» وأنه يجب حمله على المجاز فيؤول؛ أي فيحمل على المجاز دون الحقيقة.
وبذلك يكون التأويل خطوة تالية لخطوة التفسير، كما عبر بعض الباحثين.
أما الراغب الأصبهاني فقد جعل التفسير أعم من التأويل لأن أكثر ما يستعمل التفسير في الألفاظ، والتأويل في المعاني، قال في شرح قوله تعالى: إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ (١٤) [سورة الفجر، الآية ١٤] تفسيره: إنه من الرصد، يقال: رصدته:
رقبته، والمرصاد مفعال منه. وتأويله: التحذير من التهاون بأمر الله والغفلة عن الأهبة والاستعداد للعرض عليه، سبحانه وتعالى (٢).
(٢) انظر مقدمة الراغب ص ٤٠٣، المطبعة الجمالية بمصر.