وغني عن البيان، بعد ذلك، أنه لا خلاف على جواز تفسير هذه الآيات بما يدل على أن كروية الأرض تمثل حقيقة علمية واقعة، وكذلك الآيات التي أشارت إلى دحو الأرض وطحوها، ونحو ذلك من الآيات الكريمة؛ قال تعالى: وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها (٣٠) أَخْرَجَ مِنْها ماءَها وَمَرْعاها (٣١) [سورة النازعات، الآيتان ٣٠ - ٣١].
وقال تعالى: وَالسَّماءِ وَما بَناها (٥) وَالْأَرْضِ وَما طَحاها (٦) [سورة الشمس، الآيتان ٥ - ٦].
وقد لاحظنا- بهذه المناسبة- أن الإشارة إلى كروية الأرض جاء في سياق الحديث عن خلقها وبنائها، وأن الإشارة إلى بسطها جاء في سياق الحديث عن تسخيرها وانتفاع الإنسان بها، قال تعالى: وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِساطاً (١٩) لِتَسْلُكُوا مِنْها سُبُلًا فِجاجاً (٢٠) [سورة نوح، الآيتان ١٩ - ٢٠].
والآيات التي لاحظ بوكاي أنها تتطابق مع معطيات العلم الحديث كثيرة جدا، وربما كانت بعض ملاحظاته أو تفسيراته- على الرغم من وضوح المنهج- موضع نظر. ونكتفي بالإشارة إلى ملاحظته حول «الفلك» في القرآن! يقول بوكاي: إن القرآن لا يذكر المفهوم الفلكي القديم عن مركزية الأرض ودوران الشمس حولها. بل يذكر أن كلا من الشمس والقمر يجري في فلكه، وهو الأمر الذي قرره العلم الحديث. ويقول أيضا: إن القرآن الكريم قدم مفهوما جديدا لم يكن معروفا في عصره، وهو مفهوم
الفلك الذي يدور فيه كل كوكب: وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ [سورة يس، من الآية ٤٠].
وقد علل بوكاي اختلاف المفسّرين المسلمين القدامى لكلمة «الفلك» بكونهم لم يدركوا حقيقة هذا المفهوم لأنه كان فوق طاقتهم!
٢ - حقائق العلم هذه لا تفسّر بها المعجزات والأمور الخارقة للعادة التي نصّت عليها الآيات الكريمة، نظرا لافتراق «موضوع» هذه الآيات عن آيات الكون


الصفحة التالية
Icon